/ صفحة 169 /
عثمان الذي وافقه عليه الصحابة لما رأوا في ذلك من الاحتياط للقرآن، فمن ثم تشأ الاختلاف بين قراء الأمصار مع كونهم متمسكين برسم وخط واحد.
ولقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن من الضياع والتغيير، فوفق إلى ما يأتي:
أولا: أن جبريل كان يدارس الرسول القرآن كل عام مرة، ودارسه في العام الذي قبض فيه مرتين، فكان هذا تعهداً للنصوص.
ثانياً: أن كتاب الوحي كانوا يكتبون نص ما ينطقه الرسول ولا يعتمدون على الحفظ فحسب.
ثالثاً: أن أبا بكر حينما وافق على جمع القرآن كان زيد بن ثابت يجلس أمام المسجد وهو يحفظ كتاب الله، ولكنه يلتقي من الصحابة ما كتبوه على أن يشهد شاهدان أن فلاناً هذا سمع هذه الآية من فم الرسول، وأن هذا المكتوب هو نفس ما سمعه، وأنه كتب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجمع كل هذا الذي شهد عليه لا غير، وحفظ هذا المصحف إلى خلافة عثمان، فكثر اختلاف الناس في القراءات، وكادوا يقتتلون فجمع الناس على مصحف واحد نسخوه من المصحف الذي حفظ، وكان عند حفصة، وكان الناسخون هم: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث المخزومي، وقد تركوا ما خالف المصحف الموجود من زيادة ونقص وإبدال كلمة بأخرى مما كان مأذونا فيه توسعة عليهم، ولم يثبت ثبوتا مستفيضا أنه من القرآن، ثم أمر عثمان ووافقه المسلمون حرصا على وحدة الأمة وجمعا لكلمتها وخشية أن يدخل في القرآن ما ليس منه، فأحرقت جميع المصاحف الأخرى التي لا تتفق مع الصحف الإمام، وصار ما اتفق عليه الصحابة من الاقتصار كمن اقتصر مما خير فيه على خصلة واحدة، لأن أمرهم بالقراءة على الأوجه المذكورة لم يكن على سبيل الإيجاب، بل على سبيل الرخصة والتوسعة والتسهيل، وإذن فقد أصبحت هذه المصاحف التي أجمع عليها المسلمون هي التي يعول على رسمها في القراءة، وأضيف إليها شرط