/ صفحة 166 /
بالألفاظ مع اختلاف في بعضها، وإن كان المعنى واحداً،لقنه كلَّ ذلك جبريل بإذن من الله العزيز الحكيم (فأيما واحد أصاب من ذلك حرفا فهو كما قرأ).
فغذا المسلمون وقد حفظوا ما لقنهم، فدخل عمر بن الخطاب المسجد فسمع هشان بن حكيم وهو قرشي مثله يقرأ سورة الفرقان بخلاف ما لقنه الرسول، فكاد يساوره في الصلاة، فتصبر حتى سلم، فلما سلم لببه بردائه، وقال له: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها، قال: أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: كذبت فوالله إن رسول الله لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها، فانطلق يقوده إلى الرسول، فقال: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال الرسول: أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعه عمر يقرؤها، فقال الرسول: هكذا أنزلت، ثم قال الرسول: اقرأ يا عمر فقرأ القراءة التي أقرأه الرسول، فقال الرسول: هكذا أنزلت، فوقع في صدر عمر شيء، فعرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك في وجهه فضرب صدره وقال: ابعد شيطانا ابعد شيطانا ابعد شيطانا، ثم قال يا عمر إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منها، إن القرآن كله صواب ما لم تجعل رحمة عذابا أو عذابا رحمة.
وإذا في صلاة أخرى كان أبي بن كعب في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرها عليه ثم دخل رجل آخر فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه، وقال كل منهما: إن الرسول أقرأه كذلك، فدخلوا جميعاً على الرسول، فقال أبي: يا رسول الله، إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه فأمرهما فقرآ فحسن شأنهما، فوقع في نفس أبي من التكذيب ولا إذ كان في الجاهلية فلما رأى الرسول ما غشيه ضرب في صدره ففاص عرقا كأنما ينظر إلى الله فرقا، ثم قال له الرسول يا أبيّ أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فرددت عليه أن هون على أمتي.. الخ الحديث.
وظل الأمر كذلك، وعرف كثير منهم السبب في الاختلاف والحكمة الإلهية،