/ صفحة 165 /
في عقلها، ورأى أفراد الأمة بعد فتح مكة قد كثروا. فمن يرعاهم إذا اختلفت ألفاظهم، ومن يردهم إذا نقصوا أو زادوا؟ والرسول كما قال الله فيه: (بالمؤمنين رءوف رحيم) يسعى إلى التخفيف عن الأمة، ولا يريد أن يشق عليها، فقد سأل الله من قبل أن يخفف عنهم الصلوات الخمسين حتى صارت خمس صلوات في اليوم والليلة، كما يعلم أن الله بشئون عباده عليم خبير، وفي أحكامه حكيم بصير، فقد جعل الله سبحانه وتعالى في أول أمر المسلمين كل فرد منهم في الجهاد بعشرة أشخاص (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين. وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا) الأنفال / 65.
ثم لما كثروا وهو عالم بضعفهم خفف عنهم فجعل في القتال كل رجل يعادل اثنين (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله) الأنفال / 66.
لهذا لجأ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الله يسأله التخفيف عن امته والرحمة بها)إني بعثت إلى أمة أميين منهم الغلام والخادم والشيخ الفاني والعجوز الكبير()فأتاه جبريل فقال إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد، فقال الرسول: أسأل الله معافاته ومغفرته سل الله لهم التخفيف فإنهم لا يطيقون ذلك، فانطلق جبريل ثم رجع فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته انهم لا يطيقون ذلك سل الله لهم التخفيف فانطلق ثم رجع فقال إن الله يأمرك إن تقرئ امتك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منها بحرف فهو كما قرأ ما لم تختم آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب برحمة.
لقد جاءت رحمة الله وصدر الإذن بأن يُقرأ القرآن بحروف مختلفة ـ والسبعة دليل الكثرة ـ يعلمه جبريل (عليه السلام) الحروف، وهي الألفاظ وأداء الجملة ـ كما تؤيد ذلك اللغة ـ على شريطة ألا يتغير المعنى، ولا يختلف السياق، فبدأ الرسول يلقن الصحابة ما أنزل الله عليه، هذا يلقنه الآية بألفاظ، وذلك يلقنه الآية