/ صفحة 15 /
نور الحق واليقين، واتجهت إلى الخير في خلوتها وجلوتها، وسرائها وضرائها، وسائر أحوالها، فأفادت واستفادت، وهذا هو أساس الإصلاح الاجتماعي الحق، الذي يكون منبعه القلب، ومبعثه الإيمان، لا ذلك الذي يسوق إليه القانون، وتدفع إليه الرهبة والخوف من السلطان، ولعل الفساد الذي نراه متفشياً في العالم، ضارباً أطنابه في ربوعه، إنّما نشأ من إهمال هذا الجانب، وتركيز الحياة على أسس لا تتصل بالقلب، ولا تمت إلى الروح.
ومرة أخرى نلفت الأنظار إلى أن تحديد هذا المعنى أساساً للصلاح، والمناداة به في غير ما آية من كتاب الله، وفي غير ما حديث عن رسول الله، لمن آيات الله على صدق محمد، وعلي أنه يتلقى عن الله العليم بخفيات النفوس، الخبير بطبائعها وما تصلح عليه.
وقد جاء قوله تعالى (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) من مقتضيات تقوى الله حق تقاته، ومعناه لتستمروا على الإيمان، ولتجتنبوا عوامل الخسران والكفران، ولتسدوا دون قلوبكم وأعمالكم منافذ الضلال والبهتان، فلا تتأثرون بشبهة، ولا تركنون إلى خديعة، ولا تغترون بظاهرة، فإنكم إذا كان ذلك منهجكم وسنتكم لم يفارقكم إسلامكم لحظة، ولم يأتكم الموت إلا وأنتم مسلمون.
هذا وقد كثر في القرآن أمر الناس بتقوى الله، وجاء ذلك على أساليب مختلفة وتنبيهات متعددة، ومذكراً حيناً بنعمة الخلق، وحيناً بنعمة الرزق، وحيناً بهول الساعة ويوم الجزاء، (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) (يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا). (واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون) إلى غير ذلك.
وقد كان الأمر بالتقوى شأنا عاما على ألسنة جميع الرسل، كما أن موجبات