/ صفحة 127 /
لتبتغوا عرض الحياة الدنيا) فليس الغرض أن يحرم عليهم إكراه الفتيان على البغاء في حالة إرادتهن التحصن، وأن يبيحه لهم إذا لم يردن التحصن، ولكنه يبشع ما يفعلونه ويشهر به ويقول لهم: لقد بلغ بكم الأمر أنكم تكرهون فتياتكم على البغاء وهن يردن التحصن، وهذا أفظع ما يصل إليه مولى مع مولاته، فكذلك الأمر في آية الربا، يقول الله لهم: لقد بلغ بكم الأمر في استحلال أكل الربا أنكم تأكلونه أضعافاً مضاعفة فلا تفعلوا ذلك، وقد جاء النهي في غير هذه المواضع مطلقا صريحا، ووعد الله بمحق الربا قل أو كثر، ولعن آكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه، كما جاء في الآثار، وآذن من لم يدعه بحرب الله وحرب رسوله واعتبره من الظلم الممقوت، وكل ذلك ذكر قيه الربا على الإطلاق دون تقييد بقليل أو كثير.
ومنهم من يميل إلى اعتباره ضرورة من الضرورات بالنسبة للأمة، ويقول: ما دام صلاح الأمة في الناحية الاقتصادية متوقفاً على أن تتعامل بالربا، وإلا اضطرب أحوالها بين الأمم، فقد دخلت بذلك في قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات).
وهذا أيضاً مغالطة، فقد بينا أن صلاح الأمة لا يتوقف على هذا التعامل، وأن الأمر فيه إنّما هو وهم من الأوهام، وضعف أمام النظم التي يسير عليها الغالبون الأقوياء.
وخلاصة القول، أن كل محاولة يراد بها إباحة ما حرم الله، أو تبرير ارتكابه بأي نوع من أنواع التبرير، بدافع المجاراة للأوضاع الحديثة أو الغربية، والانخلاع عن الشخصية الإسلامية، إنّما هي جرأة على الله، وقول عليه بغير علم، وضعف في الدين، وتزلزل في اليقين، وقد سمعنا من يدعو إلى البغاء العلني ويجيزه، ويطالب بالعودة إليه، ويرى أنه إنقاذ من شر أعظم يصيب الأمة من انتشار البغاء السري، وبمثل هذا يتحلل المسلمون من أحكام دينهم حكما بعد حكم، حتى لا يبقى لديهم ما يحفظ شخصيتهم الإسلامية، نعوذ بالله من الخذلان، ونسأله العصمة من الفتن.