/ صفحة 125 /
ويرى أكثر ما يفعله خيراً وصلاحا، ويزين له الشيطان أن نجاحه إنّما يرجع إلى عدم تمسكه بما يتمسك به هومن القواعد والأصول، والآداب والتقاليد.
لو كن للإسلام اليوم دولة وقوة لكان تشريعه هو المتبع، ولكان للأمم والشعوب من الوسائل الاقتصادية العملية ما يغنيهم عن الربا وغير الربا مما حرمه الإسلام، وإن للكسب لموارد طبيعية هي الأساس والفطرة، كالزراعة والصناعة والتجارة والشركات المساهمة والتعاونية، ولا يستطيع أحد أن يقول إن الشعوب لا تستطيع أن تقيم مدنيتها على أساس التعاون والتراحم ومساعدة الفقير والمحتاج بإقراضه قرضاً حسناً على نظام يكفل لأصحاب الحقوق حقوقهم، ولا يؤدي إلى إثقال كواهل المدينين، واستلاب أموالهم بالباطل.
إن هذه النظم الاقتصادية التي يتشدقون بها، ويأخذون على الإسلام عدم مجاراته لها، فقد صارت الآن في موضع الشك والتزلزل عند أهليها والمتعاملين بها، وأصبح العالم يميل إلى نظام اشتراكي يحول بين أن يوجد في الشعب طائفة قليلة العدد مستحوذة على المال، منتفعة بما يدره عليها من الربح والجاه والنفوذ، وطائفة هي الكثرة العاملة الناصبة لا هم لها إلا أن تكدح لهؤلاء وتجد في تنمية ثرواتهم، ثم لا ينالها من هذا الكدح والنصب إلا أدنى القوت، وأحط المساكن والملابس، وما الربا إلا اعتراف بحق أصحاب الأموال في الامتياز عل العاملين فهو مناقض لروح التيقظ مصادم لها، فإذا كان أهل هذه النظم قد بدأوا يفقدون إيمانهم بها، بل فقدوا هذا الإيمان فعلا، وأخذوا يلتمسون سبيلا آخر تستقيم به الحياة السعيدة للأمم؛ أفلا يجدر بنا معشر المسلمين أن نتخفف من حماستنا لها، ومن ثقتنا بها؟.
أترى لوكانت مصر مثلا قادرة على أن تعمل بالتشريع الإسلامي فتلزم جميع ساكنيها بمنع الربا، وتضع لهم اسلوباً من التعامل يتفق ودينها، أكان ذلك يضرها أو يعطل مرافق إصلاحها؟.
إننا لا نتردد في الإجابة عن هذا السؤال بالنفي، رلسنا في ذلك متجاهلين