/ صفحه 90/
وهذا الأسلوب الجديد صورة من أسلوب سامرا، حيث نشأ وترعرع أحم ابن طولون، وشاهد ما كانت عليه سامرا من عظمة وأبهة وازدهار فني، ومما يدعو إلى التساؤل عدم وجود مقدمات أو ممهدات أو فترة انتقال بمعني آخر، لهذا الأسلوب الجديد فيما وصل إلينا من تحف خشبية، ولعلنا نستطيع تفسير دلك إذا ما عرفنا أن الفن الإسلامي فمن ملكي، يعتمد على تعضيد الحكام من السلاطين والأمراء، وهذا يقتضي بالطبع أن تحوز المنتجات الفنية إعجاب هؤلاء الحكام، وهو ما دعا إلى اقتباس الأسلوب الجديد الذي ساعد على انتشاره الصناع والفنانون، الذين جاموا من سامرا إلى مصر بمجيء أحمد بن طولون إليها، ونستطيع أن نقول أن مصر شهدت في عهد الدولة الطولونيّ، أول مرحلة في تكوين فن إسلامي بها، إلا أنهالم تشمل كل الميادين الفنية.
ولم يحدث انقلاب فني في الأساليب أو العناصر بمجىء الفاطميين، إذ استمرت الأساليب الطوالونية مستخدمة، وبخاصة في أوائل العصر الفاطمي مع تغير طفيف، وهو صغر مساحة العناصر الزخرفية في العصر الفاطمي عن العصر الطولوني، وتغير أسلوب الحفر إذ أصبح هنا عموديا بعد أن كان مائلا، ولعل الذي ساعد على استمرا الأسلوب الطلوني هو معرفة الفاطميين لهذا الأسلوب العباسي الأصل أثناء وجودهم في شمال أفريقية قبل مجيئهم إلى مصر.
وتدلنا التحف الخشبية التي وصلت إلينا من العصر الفاطمي على براعة المصريين في زخرفة الأخشاب بطريقة الحفر، وقد وصلت منتجاتهم إلى درجة كبيرة من الاتقان والتوفيق من حيث استخدام الرسوم الحيوانية كعناصر زخرفية، وتظهر هنا رسوم الأشخاص والحيوانات والطيور، وقد ثمثل بعض هذه الرسوم مناظر من الحياة العامة كالرقص والصيد، ورسوم القديسين ورجال الدين، كما هو موجود في بعض الكنائس القبطية، ونجمد بجانب هذه العناصر الحيوانية الرسوم النباتية، والأشكال الحلزونيّ مرسومة في دقة واتقان، وقرب من الطبيعة، وقد تحفر