/ صفحه 84/
من هذه الشعوب، وكما أن أبناء الشعب الواحد إخوة في وطنهم "المحلي" ونسبتهم إلى دينهم وادة، فكذلك الشعوب إخوة في "الوطن الإسلامي" ونسبة جميعها إلى الدين واحدة، ومن الجلي أنّ تفرق الأفراد يلغي وجود الشعب أو الجماعة، فكذللك تفرق الشعوب الإسلامية يلغي وجود "الأمة الإسلامية" "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
قد يقول قائل: إن الأمة الإسلامية، لا يمكن إلعاء وجودها. إذا أنها تتألف من كل مسلم في أرض الله. أيآ كان لو نه وجنسه، وأفراد المسلمين تمتلي بهم شعاب الذرض والحمد لله! فنقول: إن القرآن يعني من الأمة الإسلامية؛ أمة، كلفة بتنفيذ أحكام الشرع، وإقامة الحدود، وتحقيق العدالة بين جميع أفرادها إأمة مسئولة عن صالحها العام بوصها أمة، وحفظ كيانها وكرامتها، بوصفها مناط التكليف في كل ما هو عام؛ ومن المسلم به أن أمارة وجود المكلف. قيامه بما كلف به، فالفرد المسلم مثلا: إذا انسلخ من واجباته، ولم يؤد تكاليفه، أصبح وصفه "بالفرد المسلم" غير قائم؛ وإن كان موجودا يأكل ويشرب، ويسعي في الأرض، فكذلك "الأمة الإسلامية" لا وجود له. وإن كانت شعوبها وأفرادها تملأ الدنيا كلها؛ جماعات كمغثاء السيل، تتداعي عليها المم، كما تتداعي الاكله على قصعتها، وإنما تكون الامة "إسلامية" يوم تقوم بتكاليفها، وتؤدي رسالتها لثبت بذلك وجودها "و إسلاميتها".
ولعلي لا أجانب الصواب إذا قلت: إن جميع ما يعانيه المسلمون اليوم في كل مكان، من ظلم وهوان، وذل وحرمان، إنما يرجع إلى فقدهم "شخصيتهم المعنوية هذه" بتفرقهم في الأرض، وخلعهم ثوب الوحدة الإسلامية الجامعة، مما عطل تكاليف الامة العامة، التي نيط بها عزة المسلمين، وبقاء صولتهم، وحكّمتهم قرونا طويلة في السياسية الدولية.