/ صفحه 78/
لا ترهب أحدا، فاأا هي من بعده خاضعة ذليلة حتى للأذلاء، لا تجد ما تدفع به عن نفسها إلا راحة يدها، ولعمري إن هذه لصورة للوعة حرّي.
والنساء بارعات في تصوير أحزانهن، والتعبير عن تكلهن، فاذا رثين أبكين القلوب قبل العيون، والفرق بين أشعارهن وأشعار الرجال في الرثاء هو فرق ما بين العاطفتين. عاطفة التي تنظر إلى سعادتها وعزها بل حياتها ووجودها، وعاطفة الذي ينظر إلى صديق أو أخ كان يستعين به على الحياة، أو يبتغي به فخرا ومجدا، ومكاثرة وذكرا.
وإن شئت فوازن بين شعر مهلهل في رثاء كليب عل جودته وصدق تصويره لعاطفة قائله، وشعر جليلة بتنت مرة في هذا الشأن نفسه. ژفمن قول مهلهل:
مالت بنا الأرض أو زالت رواسيها نعي النعاة كليباً لي فقلت لهم
و انشقت الأرض فانجابت بمن فيها ليت السماء على من تحتها وقعت
ما لا حت الشمس في أعلي مجاريها! لا أصلح الله منا من يصالحكم
وهو في هذه الأبيات غاضب تلمع بين ثنايا شعره صفحات السيوف، وظبا الأسنة، ويسيل رثاؤه تهديدا وإنذاراً وتخويفا، ويمتني لو كانت السماء قد وقعت على الأرض، أو كانت الأرض قد انجابت بمن تحت السماء، ويدعو على من يصالح بين الفريقين أو يضع حدا للخصمة بينمهما، تلك الخصومة التي يجب أن تبقي ما طلعت الشمس، وأن يتوقع فيها الأعداء ما ليس لهم به طاقة من اشر والهلاك. ومن قوله أيضاً.
واستب بعدك يا كليب المجلس! نبئت أن النار بعدك أوقدت
لو كنت شاهدهم بها لم ينسبوا و تكلموا في أمر كل عظيمة
و ذراع باكية عليها بُرنُس و إذا تشاء رأيت وجهآ واضحا
تأسي عليك بعبرة وتنفس تبكي عليك ولست لا ئم حرة
وهو في هذا الشعر متهكم بالمجالس بعد كليب، ساخر ممن يوقدون النار على