/ صفحه 71/
الاستبدال إنما يكون بنص من الشارع ولا نص، فأقصي ما يقال في هذه الحالة هو سقوط الهدى عن المكلف دون بدل، لأن الشارع إذا أمر بأمر ولم يمكن للمكلف تحصيله، لم يجز له أن ينتقل إلا إلى أمر قد شرع بدلا منه، فإن لم يكن له بدل سقط، وإذن فلا قائل من الشيخين بالاستبدال في أية صورة من الصور وكلا هما لم يبحث ما يترتب على صورة الانحصار المفروضة.
(3) أثار فضيلة الشيخ محمد جواد موضوعا يرجع إلى أنه: هل يدخل في مفهوم كلمة الهدى أمكان الأكل منه بطريق اللزوم العرفي حتى يقال أن الهدى المطلوب هو الهدى المتعارف بين الناس إمكانُ الأكل ولاإطعام منه؟ وأجاب بنعم، ورتب على ذلك أن الشارع حين قال أهد أوضح، كأنه قال أهد أوضح في الحال التي يمكن فيها الانتفاع بالأضيحة أو الهدى.
والحقيقة أن الهدى هو من يذبح للتقرب امتثالا لأمر الله. وكونه بحيث يمكن الأ كل منه أو الاطعام قد يكون شرطا في الأ جزاء، مثله كمثل اشتراط ذبحه ذبحا موافقا للذكاة الشرعية مثلاً، وهذا الأمكان ثابت في نفسه وأن لم يوجد من يأكل أو يطعم، وليس الازم نفس الأكل والإطعام، لكن قد يتمال: أذا ترتب على فعل قربة من القرب ضرر، فهل يترجح جانب الفعل أو جانب الترك؟ وهذا ـ إذا سلم الشيخان بتطبيقه في موضوعنا ـ لا يكون مظورافيه إلى تحقق مفهوم الهدى أو عدم تحققه، ولكن إلى الموازنة بين ما يترتب على الامتثال بالفعل والامتثال بالترك، ثم يرجع الكلام حينئذ إلى سقوط الهدى عن المكلف أو استبدال النقد به، وهذا ما تركه الشيخان كما قلنا.
هذا وإنا لنشكر فضيلة الأستاذ محمد جواد على أسلوبه الراقي في الجدل والنقاش؛ والباب بعد مفتوح على الرحب لكل من صاحبي الفضيلة، ولكل باحث؟