/ صفحه 72/
أشعَار منَ القُلوبِ
لصاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد العزيز محمد عيسي
مدير المجلة
أُتي الحجاجُ بن يوسف الثقفي، بجماعة من أصحابَ قطَريّ بن الفُجاءة، والحرب يومئذ بين الخوارج وبني أمية مستعرة الأوار، حامية الواطيس، فقتلهم جميعاً ألا رجلا واحدا، كانت له يدُ على الحجاج، فمنَّ عليه من بينهم، فلما صار الرجل بعد فكاكه إلى قطري، قال له: عاود قتال عدو الله الحجاج، فأبي الرجل وقال:
بيد تُقِر بأنها مولاته!
أأقاتل الحجاج عن سلطانه
في الصف واحتجّت له فَعَلاته
ماذا أقول أذا وقفت أمامه
غُرست لديّ فحنظلت نخلاته؟
و تحدّت الأقوام أن صنائعا
أبيات ثلاثة ما أنشدتها يوماً منذ سمعتها إلا أحسست لها روعة، وأخذتني لها نشوة، ودخلت إلى قلبي كأنها ترد عليه لأول مرة.
هذه رجل خارجي، وإذا قلت رجل خارجي، فقد ذكرت تاريخ البسالة والإقدام، ووقوة العقيدة والإيمان، والبلاغة التي تزخر بها كتبر العربية، وتجري على ألسنة الرواة مُثَلها وأحاديها، وطرفها وأعاجيبها، وكلنا يعرف تاريخ الخوارج، وأنهم على ما فيهم من انحراف عن الجادة، وتنكب لسبيل الحق، قوم مؤمنون بما يرون إيمانا عميقا، لا يخالجه شك، ولا يضعفه وهن، ولا يفسده تردد، وما ظنك بقوم يرون جميع المؤمنين قد صاروا كفارا ما عداهم،