/ صفحه 57/
شاة ولا بعيراً، ألا ما أكلتم، ولا تحرقن نحلا، ولا تخربن عامراً، ولا تغل ولا تجبُز".(1)
وأخرج ابن الجوزي عن امسيب بن درام قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب جالا ويقول: حملت جملك ما لا يطيق.
وجاء في كتاب الأم للامام الشافعي رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب قدم مكة فدخل دار الندوة يوم الجمعة وأراد أن يستقرب منها الرواح إلى المسجد فألقي رداءه على واقف في البيت فوقع عليه طير من هذا الحمام فإطرا، فانتهزته حيّة فقتلته، فلما صلى الجمعة دخل عليه ناقع بن عبد الحرث وعثمان بن عفان، فقال لهما عمر: أحكما على في شيء صنعته اليوم: أني دخلت هذا الواقف، فوقع عليه طير من هذا الحمام، فخشيت أن يلطخه بسلحه، فأطرته عنه، فوقع على هذا الواقف الأخر، فانتهزته حيّة فقتلته، فوجدت في نفسي بأني أطرته من منزلة كان فيها آمنا إلى موقعة كان فيها حتفه، فقال نافع لعثمان كيف: ترى في عنز ثنية عفراء نحكم بها على أمير المؤمنين؟ قال لهما عمر: أري ذلك فأمر بها وذبحها.
في أحكام الفقهاء وأهل الحديث:
ذهب فقهاء الأمة عليهم الرحمة إلى أبعد حدود النظر فيما يتعلق بالرفق بالحيوان ممالم نجده في الشرائع السماوية الأخرى ولا في الشرائع الوضعية غريبة كانت أو شرقية، فقد قرروا قواعد مهمة، وفرعوا مسائل دقيقة لا يحصرها العد، لم تصل بعد إليها أذهان فقهاء القانون في العصر الحاضر، ولم تخطر على بال مؤسسي جمعيات حماية الحيوان من أبناء المدنية الحديثة في زمن الذرة, وإليك بعض تلك المسائل:
ـــــــــــ
(1) "لا تغل" من الغلول وهو الخيانة عامة، وخص بعضهم به الخيانة في الفيء ولل؟؟؟ ومنه "و ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" وجبزله من المال جبرة ـ بوزن كتب ـ: قطع له منه قطعة.