/ صفحه 434/
رسالة الإسلام
يرجع ما لاحظه سماحة الأستاذ إلى أن فيما نشرته "رسالة الإسلام" تناقضا في موضعين:
أولها: اجمع بين القول بانفتاح باب الجتهاد، والقول بجواز الأخذ بقول فلان، ورأى فلان، متى صح النقل.
الثاني: ترحيب "جماعة التقريب" بالخلاف الفقهى المنبى على النظرو الاستدال مع تصريحا بأنها لا بتغى إلغاء المذهب الفقهية ولا توحيدها.
وجوابنا عن الموضع الأول أن فضيلة المغفور له الأستاذ الاكبر الشيخ المراغى بصدد مقامين أحدهما: بيان انفتاح باب الاجتهاد، وقد جادل عنه وأيده بالبرهان الصحيح، والثاني: مناقشة معارضية فيما زعموه من أن النقل عن غير الأئمة الأربعة لم يصح، وأن ذلك من أسباب حضر التقليد فيهم لمن لم يبلغ درجة الجتهاد، فالأستاذ الأكبريبطل زعمهم في هذا، وقرر أنه قد صح النقل عن غير الاربعة كما صح عن الأربعة، وأنه متى صح النقل فلا خصوصية للأربعة في جواز تقليدهم ـ آى لمن لم يللغ درجة الجتهاد ـ وبهذا بتبين أنه لا تناقض بين انفتاح باب الاجتهاد، في حق من كمل استعداده، ووازه تقليد أى إمام وراء الأربعة في حق غير المجتهد متى صحى النقل عن هذه الإمام.
وجوابنا عن الموضع الثانى أن فتح باب الاجتهاد، والترحيب بالخلاف الفهى المبنى عى النظر والستنباط ليس معنا هدم ما لدينا من تراث فهى جادت لنا به عقول أئمتنا.
والأستاذ لايزم أن المجتهد في أى عصر من العصور مستغن عن معرفة ماقيل في لامسائل التي يجتهد فيها، وعن النظ في أدلة المجتهدين قبله. وليس من شرط الاجتهاد أن يغلق المجتهد نفسه على نفسه، فلا يسمح لفكره أن ينظر فيما رآه غيره كلاً، إنما الذي يجب عليه ـ كما يوافقنا الأستاذ ـ أن يعمل فكره، ويفرغ وسعه ليصل إلى الحق، دون تقصير، أو تأثر إلا بالدليل، فإذا صادفه دليل استدل به غيره وانقدح في نفسه فقد قرب الله عليه السقة، ويسر له السبيل.
ولو كان الاجتهاد يقتضى التخلص من آراء المجتهدين والغاء مذاهبهم لما بقى لنا فقه، ولا امتد حبل النظر في اتصال بين الأولين والآخرين.
أما اشتراط الحياة فيمن يقلده العامة أو عدم اشتراطها، فهذا موضوع آخرلم يتطرق إليه الكلام، ولم يقصد بالبحث فيما نشرته "رسالة الإسلام".
م...