/ صفحه 424/
وحياة العلم وطلابه حافلة بكل طريف، مليئة بما يدل على النشاط العلمى الجم الذي حملت مصر أعباءه في تلك الفترة من تاريخها.
وإذا تركنا حياة العلم وطلابه جانباً واتجهنا نحو المؤسسات الاجتماعيه الأخرى لنرى حياة الناس كيف كانت وكيف سارت وكيف تنوعت واختلطت وتأثرت بالآخرين، وجدنا في مقدمة تلك المؤسسات "الحمامات"، وهى وإن لم تكن من مستحدثات المسلمين لكنها ذات طابع خاص عندهم، فقد شهدت تلك الحمامات ألوانا من النقاش والجدل حول المسائل التي تهم الناس حينذاك، وقصدها التجار والمغتربون وأصحاب الرحلة وأهل العلم، واتخذوا من ردهاتها الدفئة أندية لهم، واقتصرت بعض الحمامات على الرجال فقط وبعضها على النساء، وخصص جانب منها لا ستقبال الرجال في أول النهار والنساء في آخره.
ويروى المقريزى عن بعض مصادره أن عدد حمامات مصر بلغ قبيل القرن الرابع عشر الميلادى ما يقرب من مائة حمام، ويدل هذا العدد على مدى اعتماد الناس على حمامات السوق بسبب عدم صلاحية كثير من البيوت لإقامة حمامات بها، وعدت الحمامات مورداً هاماً من موارد الرزق، ومصدراً من مصادر الربح الوفير لمؤسسيها، ومنهم المراء والأعيان ووجوه الدولة والعلماء وغيرهم، وكثيراً ما وقفت الحمامات للانفاق من دخلها على المدارس والكتاتيب والمساجد والأسبلة والأربطة وغيرها.
ومن المنشآت الجتماعية التي نعمت بها مصر خلال العصور الوسطى "المارستانات" وهى المستشفيات التي ظفرت من عناية السلاطين بما كفل لجميع الناس حسن الافادة منها والانتفاع بها على اختلاف طبقاتهم وألوانهم، ويتضح ذلك مما أورده المقريزى في الخطط عن أخبار مارستان قلاوون، وهو أن السلطان الملك المنصور قلاوون وققف على مارستانه أوقافا كثيرة