/ صفحه 419/
ليقول عن يوسف بن قزاوغلي، المعروف بسبط بن الجوزي، صاحب مرآة الزمان، إنه كان يروى لكل من الشيعة وأهل السنة ما يناسب مذهبة، حسب الحاجة ووفرة الأجر. وتحت يدى (قائمة) تحوى أسماء أكثر من ألفى رجل، من الطرفين، حدثوا وكذبوا وفجروا، لوجه الشيطان. ورجاء المال، والتقرب من السلطان، وإلى جانب هؤلاء الرواة الكذابين كان جماعة النساخ، الذين ينسخون الكتب بالأجر لمن يرومها، وكان جل هذه الطائفة من غير ذوى الدين، وكثيراً ما دسوا في الكتب ما ليس منها، حسب حاجة من يدفع الأجر.
فإذا كان ذلك كذلك وجب على أهل العلم الذين يبحثون عن تاريخ الفرق وأصول مذاهبها، أن يكونوا شديدى الحذر، وأن يتوخوا الدقة التامة، وأن يحتاطوا أشد الحيطة في نسبة الأراء والحكم عليها، وأن يقارنوا بين المرويات ويبحثوا أسانيدها، فإنه لذلك وضعغ السلف الصالح قواعد علم الجرح والتعديل.
ثالثاً: إذا جرينا على طريقة التنابز، وتزييف ما عند أهل السنة من مرويات وما عند الشيعة من مرويات، خرجنا في النهاية "و ليس معنا أهل سنة ولا شيعة، وتعذ علينا أن نتفق على صحة شيء، سوى القرآن الكريم، الذي حفظه الله، فسلم للمسلمين من الدس والكيد والتزوير، فليكن هو قبلتنا، وداعينا إلى الوحدة، ولنعبد الله على ضوء ما فيه، ولنجعله أساساً لمعاملاتنا، ولنحكمه في كل أمورنا، وهو هادينا إلى أمثل سبل العزة إن شاءالله، أما فيما يتعلق بالفروع والجزئيات، فليقتنع كل فريق بما صحيحين عنده ـ إن شاء ـ من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، غير متعرض لما صحيحين عند أخيه، بما يثير الفرقة والقطيعة، فالمسيحيون يختلفون في جوهردينهم اختلافاً كبيرا، ومع ذلك يسارع الكاثوليك إلى نجدة البروتستانت، ويسارع