/ صفحه 418/
ألا وإن من يلبى نداء "جماعة التقريب" فقد لبى داعى الله، ومن حاربها فقد حارب داعى الله، والله غالب على أمره.
ومما لا شك فيه أن كل دعوة للتفريق بين المسلمين، وإثارة أسباب الخلاف من جديد بين الطوائف الاسلاميه، خيانة لله ولرسوله وآله، وللقرآن العظيم، وللأمة الإسلامية، فكل مثير للخلاف، داع للفرقة، حتم علينا أن نتشكك في نواياه، وأن نعمل على ردعه سيما في هذا الزمان الذي تهدد أرض المسلمين فيه من كل جانب بالجيوش والمباديء، وإلا كنا مفرطين حق علينا كلمة العذاب.
بمناسبة ما قرأته حديثاً من المؤلفات الصادرة عن بعض علماء الطائفتين السنة والشيعة، أحب أن ألفت النظر إلى الحقائق الآتية:
أولا: ذكر الامام الشيعى أبو الحسين محمد بن نوبخت في كتابه فرق الشيعة عشرات من القرق الشيعية التي بادات وانقرضت، وحكم عليها الامام النوبختى بالمروق من الدين، ومع ذلك تنوقلت آراء هذه الفرق المتباينة، ونسبها كثير من الكتاب إلى الشيعة مطلقة من غير تقييد وهذا ظلم كبير، لأن آراء هذه الفرق تناقض تماما المعتقدات الامامية، كذلك ينسب البعض بعض آراء الاسماعيلية الحالية إلى "الشيعة" وهو ظلم بلا شك، ويؤسفنا أن يقع بعض أهل العلم في هذا الخطأ، ولا يتحرى الدقة في إضافة الآراء إلى أصحابها، مع أنا من السهل الآن تمييز آراء كل فرقه عن آراء غيرها، فليس عسيرا إذن التعرف إلى آراء الامامية في كافة الماسئل المتفق عليها أو المختلف فيها.
ثانياً: أن عهد التاليف الحقيقى عند المسلمين كان في ظلال حكم العاباسيين، وقد كان حكمهم دنيويا أكثر منه دينيا، وكان ملكاً لا خلافة، وكانت أسباب تدعيم الملك العباسى أهم بكثير من توخى حقائق العلم، وأحكام الدين، وكان الخلاف بين العباسيين وبنى عمومتهم العلويين قد بلغ مداه، وتفنن كل فريق في تجريح الآخر، فروى ما يسقط منزلته بنى المسلمين، وقد وجد الفريقان من العلماء من فسد دينه وضميره، فروى كذبا لكل فريق ما يشتهي، حتى ان الإمام ابن تيمية(1)

ـــــــــــ
(1) منهاح السنة، ج 2، ص 133.