/ صفحه 415/
المذاهب في الإسلام تشبه الأناجيل في المسيحية، أى أنه خلاف في جوهر الدين وحقاثقه الأصلية، لا في الأعراض والفروغ
ولعل القاريء الكريم يشاركنى في القول: بأن صلاح هه الأمة الإسلامية اليوم منوط بصلح علمائها، وقادة الفكر فيها، فهم منها بمثابة القلب. إن صلح صلح الجسم كله، وإن فسد فسد الجسم كله، وإنه لفرض على علماء الإسلام وقادة الفكر فيه، أن يعملوا على جمع شتات أمتهم ولمّ شعثها في هذه الأيام العصبية، التي تحيطهم فيها الأخطار من كل جانب، ليتعارف المتناكرون، ويتواصل المنقاطعون، وليعودوا يداً على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم، متعاونين عل رفع لواء الإسلام وإعزاز مكانة بنيه بين الأمم، وإن أيسر وسيلة لجمع الكلمة هو التقريب بين المذاهب الإسلامية.
وقد سأل سائل: وكيف يمكن هذا التقريب مع الختلاف المذاهب في الأصول والفروع. لا في الفروع فقط؟
ولعله قد خيل للبعض أن المراد بالتقريب هو مزج الآراء، وإدماج المذاهب حتّى تكون مذهباً واحدا، وما كان لعالم، أو جماعة من العلماء ـ أن يحجروا على عقول دعاها الله إلى النظر في ملكوته، أو يقصروا الناس على إحدى طرائق الفهم، أو بعض وسائل النظر! وإذن فما هو التقريب؟ إنه دعوة إلى التعاون على البر والتقوى وإصلاح أحوال المسلمين، بتوجيه طلاقتهم العامة وجهة واحدة، تحقق سعادة الجميع، أو تؤمنه من أخطار خارجية، وجزى الله عنا خيراً الإمام الشيعى الجليل الشيخ آل كاشف الغطاء، فقد وضع ـ في بيانه القيم للمسلمين في العدد الماضى ـ الأمور في نصابها، وجلى معنى التقريب تجلية تدفع كل لبس في الفهم، فأغنانى عن كل ما أعددته في معنى التقريب، شَكَر الله للعلامة الكبير غيرته المحمودة على الملة والأمة، فما أروع كلمات الحق التي أرسلها لتبسيط دواعى الخلف بين المسلمين! إذ يقرر أن الخلاف بين المذاهب ليس خلافا على جوهر الدين وأصوله، وإذن فهو خلاف في الفروع لا يستوجب القطيعة،