/ صفحه 364/
روحانية الشرق ومادية الغرب
لحضرة الكاتب الكبير الأستاذ الدكتور أحمد أمين بك
من قديم والكتاب والفلاسفة قد تعارفوا على وصف الشرق بالروحانية، والغرب بالمادية! فما معنى هذا؟
لقد سمعت كثيراً من المثقفين ثقافة واسعة ينكرون هذا ويقولون: إن الغرب غنى بماديته وروحانيته، والشرق فقير في ماديته وروحانيته، أما أن الغرب غنى بماديته، فليس يحتاج إلى دليل ولا برهان، فالصناعات والاختراعات والآلات ونحوها، كلها من الغرب، وليس الشرق إلا عالة عليه. أما روحانية الغرب، فتتجلى في سمو عواطفه وحبه للخير لأمته، وأحياناً للإنسانية كلها، وهو في هذا يفوق الشرق أيضاً. إن شئت فانظر لتبرعات الأغنياء من الغربيين ببناء المستشفيات والمؤسسات العلمية والأعمال الخيرية، مما لا يبلغ عشر معشاره الشرقيون، فهؤلأء أغنياء الشرق، لا يفكرون إلا في لهوهم وملذاتهم، فان ارتقوا قليلا، ففى أسرتهم وأقاربهم، ولذلك لا نرى منهم تبرعا لعمل خيري، إلا أن يكون ملقاً لوزير أو مدير، أو رغبة في رتبة أو نياشين، وكثيراً ما نسمع عن غربى خرج عن ماله أو أكثره لعمل ينغع قومه، وقلما نسمع ذلك عن شرقي، ولكن نسمع الكثير عن شرقيين ابتزوا أموال غيرهم، أو اغتصبوا عملاءهم الفقراء، أو غشوا في المعاملة أو ارتشوا لقضاء مصلحة أو نحو ذلك، فأين هى روحانية الشرق، ومادية الغرب؟