/ صفحه 363/
لا. إن هذه كلها آراء فجة ينقصها التأمل، فضلا عن الدرس والبحث، فليكف عنها دعاتها، ولا سيما العارفين بثقافه الأزهر.
إن أحد ممن يهمهم أمر الأمة الإسلامية، لا ينازع في وجوب العمل على تقريب الثقافة العامة بين أبنائها، ولسنا ننكر أن التقارب في الأفكار، يحقق التقارب في الغايات والآمال، ويرفع من الأمة كثيرا من أسباب الخلاف، وعوامل التفرق، ويجعل منها وحدة قوية متماسكة، تسير في طريق واحدة، وترمى إلى هدف واحد، لسنا ننكر هذا، ولكن لا ينبغى أن يكون ذلك التقريب أو التوحيذ على حساب ديننا وتراثنا الأسلامى المجيد، وإنما ينبغى أن يكون في دائرتهما، وتحت رعايتهما، فان من سفه المشورة. وخطل الرأي، أن نتاندى بالخروج عن أنفسنا لكى نوجد أنفسنا، وما أنخلاع المسلمين عن دينهم وثقاقتهم إلا انخلاع عن أنفسهم لو كانوا يعلمون.
ألا وإن الدعوة التي يجب أن ندعو لها، ونتكاتف عليها، لا في مصر فحسب، ولكن في سائر الأقطار الإسلامية، هى احترام هذا النظام الأزهرى الذي لا بد منه في المحافظة على الدين والعلم واللغة، والذي لا ينفرد الأزهر به، وإنما يشاركه فيه كل شعب من الشعوب الإسلامية كالعراق وإيران والمغرب وغيرها، وذلك مع العمل على أن تقرب الثقافة العامة في التعليم الحكومى من الروحى القومى الإسلامي، الذي يبعث في الأمة معنى الا عتداد بنفسها، والشعور بشخصيتها، والذي يربط بين ماضيها وحاضرها، ويفتح لها آفاقا مترامية الاطراف في مستقبلها، وما أريد بالامة قى هذا المقام شعب مصر فحسب، ولكن أريد الأمة السلاميه بالمعنى الذي تفهمه "جماعة التقريب" من الأمة الاسلاميه، والله المستعان؟
رُوحَانية الشرقْ وَمَادِية الغربْ