/ صفحه 362/
يتمرسوا بما تمرس به الطالب الأزهرى في دراسته الابتدائية والثانوية، ولم يعوَّدوا بالحث والأخذ من المناجم العلمية الزاخرة بالأصول والقواعد، وهى الكتب القديمة.
على أن المدارس الابتدائية والثانوية لا تستطيع من ناحية أخرى إعداد الطالب لكليات الأزهر فان تلاميذ المدارس الابتدائية يلتحقون بها في سن مبكرة بين السابعة والعاشرة، فهل يستطيع تلميذ في هذه السن أن يهضم علوم الأزهر؟! أما طالب الأزهر فلا يلتحق به إلا في الثانية عشرة على الأقل ـ والحد الأعلى في ذلك هو السادسة عشرة ـ ولذلك يقدر الطالب على داسه كتابين في الفقه، وأربعه كتب في النحو هى الاجرومية وشرحها، والزهرية، وشرح القطر، وشذور الذهب، وعلى دراسة كتاب متوسط في علم الطرف يقرأ في سنتين، وعلى دراسة التوحيد في ثلاث سنوات ... الخ.
والمدارس الثانوية في وزارة المعارف مكتظة بالمواد في كل ناحية، والشكوى عامة من كثرتها وطولها وشحن أذهان الطلبة بها، حتّى ضعف المستوي، وبدت آثار هذا الضعف في المعلومات العامة، واللغات العربية والأجنبية، كما نشاهد ذلك، وكما تشهد به تقارير وزارة المعارف نفسها، وقد جاء في بعض هذه التقارير مانصه: "إن الشكوى عامة من أن الطلبة لا تتحقق فيهم الصفات المطلوبة للدراسة العاليه من حيث روح التعقل وقوة الملاحظة ولاعتماد على النفس وحب البحث، حتّى إنهم يضطرون أساتذتهم إلى إملاء الدروس عليهم إملاء مما يعوق سير الدراسة العالية في صورتها الكاملة".
فاذا كان هذا رأى وزارة المعارف في طلاب مدارسها الثانوية؟ فكيفُ يطلب إلى الأزهر أن يعتمد على هذه المدارس في إمداد كلياته العالية، وكيف يقول قائل بإمكان تقوية طلاب هذه المدارس وتزويدهم بزاد جديد من التعليم يجعلهم قادرين على تلقى الدراسة الأزهرية؟ هل نعطى طلاب هذه المدارس ـ إلى ما عندهم من المواد التي ينومون بأعبائها ـ علوما جديدة منها الفقه والتوحيد والصرف والمنطق والعروض مثلاً مما لا بد منه في الإعداد للتعليم العالى الأزهري؟