/ صفحه 361/
أدعوها إلى أن تقدم لأبناء هذه المدارس قسطا صالحا من الثقافة الإسلامية، يعرفهم بدينهم ولغتهم، ويغرس فيهم نزعة الشعور بالقومية الإسلامية، ويقرب ما بينهم وبين تاريخهم المجيد.
وقد طرقتْ هذه الدعوات آذانَ وزراء المعارف جميعا، فآمنوا بها، ولم ينكروا مزاياها، ولكنهم مع ذلك لم يتحمسوا لها، ولم يعملوا على إبرازها في صورة عملية واقعية، وكلما أوشك ذلك أن يكون، عوَّقته معوقات، وحالت دونه حوائل، أليس هذا هو "الجمود".
وأحب في هذا المقام أن ألفت إلى أمر كثيرا ما تحدث به الناس في شأن التقريب بين تعليم الأزهر وتعليم الحكومة، ذلك هو الدعوة إلى أن ينبذ الأزهر معاهده الابتدائية والثانوية، وأن يستمد من مدارس الحكومة طلابا لكلياته بعد تزويد هذه المدارس بشيء من الثقافة الأزهرية.
إن هذه فكرة خاطئة، ولا يقول بها إلا غافل أو متغافل عن البر نامج الأزهرى في قسميه البتدائى والثانوي، وقد علمتنا التجارب أن الدين والشريعة الإسلامية واللغة العربية لا يمكن دراستها دراسة عالية إلا إذا زِّود طلابها بدراسة سابقة تجعلهم أصحاب ملكات قادرة على تلقيها وهضمها، يعرف ذلك أهل الأزهر ويعرفه الذين اتصلوا بدار العلوم أو بقسم الدراسات الإسلامى في كلية الحقوق، فإن الطلاب الذين كانوا يلتحقون بدار العلوم من الأقسام الثانوية بالمعاهد الدينيه كانوا أصبر وأقدر على منهاج دار العلوم من الطالب الذين كانوا يلتحقون بها من القسم التجهيزي، وما ذلك إلا لأن الأولين وُبُّوا تربية ملائمة لهذا النوع من التعليم العالي. وأَمْرُ طلاب الدراسة الإسلامية في الحقوق من حيث شعورهم بثقل العبء في هذه الدراسة كذلك مشهور معروف، مع أنهم يعتمدون فيها على مذكرات وخلاصات، لا على كتب قديمة هى المنابع الأولى لهذا النوع من المدرسة، كما يفعل الأزهريون، والسر في هذا أنهم لم