/ صفحه 352/
"يأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فأمنوا خيراً لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض وكان الله عليما حكيما".
"يأيها الناس إن كنتم في ريْب من البعث فإنّا خلقناكم من تراب ثم من نطفةٍ من علقةٍ ثم من مضغةٍ مُخلَّقةٍ وغير مخلَّقة". (يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد).
"يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
وأما نداؤهم بوصف البُنوَّة لآدم، فقد وُجِّه إليهم تحذيراً من مكايد الشيطان التي وقع فيها أبوهم من قبل، "يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما".
ووُجِّه إليهم امتناناً على نوعهم بما ميزهم الله به عن سائر الحيوان من لباس يستر العورة، وريش يتزَّينون به "يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" "يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشاً".
ويلا حظ هنا أن الإ نزال كما يكون للأجسام تسقط من علو، يكون في معنى تهيئة الأسباب للحصول على الشيء بعد خلق مادته "و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس". "وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج".
ومن هذا المعنى قوله تعالى: "أنزلنا عليكم لباسا" أى خلقنا مادته من القطن والصوف والحرير، وهديناكم بالغرائز والقوي، إلى صنع الباس عن طريق الوسائل التي يتوقف عليها وألهمنا كم بها، كالزراعة والغزل والنسج والخياطة.
(4) وكما نادى الله الناس على هذا النحو، نادى الطوائف والشعوب.
نادى شعب بنى إسرائيل، ولا نعرف شعباً آخرُ وِّجه إليه الخطاب في القرآن كما وِّجه إلى هذا الشعب، ولعل ذلك كان لكثرة ما عُولج به هذا الشعب من نوعى النعماء والضراء، ثم لم تنفع معهم تلك المعالجة لا في القديم ولا في الحديث،