/ صفحه 351/
الأنبياء السابقين. وفى هذا من التكريم ورفع الشأن ما لا يعرف لأحد من الأنبياء.
وقد قال العلماء إن فيه تعليما وتأديباً للمؤمنين في التحدث عنه أوندائه (صلى الله عليه وسلم)، وقد كان الأصحاب رضوان الله عليهم يتحدثون عنه وينادونه بوصف الرسالة أو النبوة، وقد جهل جماعة من الأعراب هذا الأدب لما نشئوا عليه من خشونة البادية، فنادوه باسمه، فأنزل الله عليمهم "لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا" "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون"
ولعل من محاكاة هذا الدب ما درج عليه الناس من عدم نداء الملوك والعظماء ورجال الشرف بأسمائهم، وإنما ينادوْن بألقابهم وذسماء مراكزهم، وهو أدب معقول مقبول.
وثانى الأمرين: أن النداء بوصف النبوة كان موجها إلى جزئيات من تكاليف الرسالة، وبخاصة ما كان يتصل بجهة التنفيذ، وأن النداء بوصف الرسالة لم يكن إلا في تحديد مهمة الرسالة العظمى وما يتصل بها من تقوية القلب على أدائهما، "بلِّغ ما أنزل اليك من ربك" "لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر".
ولعل ذلك يرجع إلى طبيعة لفظى (نبي) و(رسول) في اللغة العربية واقتضاء أولهما معنى العرفان والعلم واقتضاء الثانى مجرد التبليغ.
(3) وكما نادى الأشخاص على النحو الذي ذكرنا، نادى الناس جميعا مرةً بوصف الإنسانية العام، ومرةً بوصف النبوة للأب الأول، والذي فلاحظه هنا أن النداء بوصف الإنسانية كان أكثره فيما يختص بالأصول العامة للدين، من الإيمان بالله، والوحي، والرسالة، والإيمان باليوم الآخر، وما يرجع إلى شيء من هذين: "يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون".
يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبثَّ منها رجالا كثيراً ونساءا".