/ صفحه 349/
بربوبيته وألو هيته يتلاشى حولُهم وقوتهم، أ, حوله وقوته، ويتلاشى علمهم وتدبير هم، أمام علمه وتدبيره، جدير بأن يهز القلوب، ويصفى النفوس، ويخلع الناس من التفكير فيما بين أيديهم وما خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائتلهم، وأن يجذب قلوبهم ووعيهم وانتباههم إلى الاستماع إليه، وتدبر ما يلقيه، وحق لابن مسعود أن يقول نتلك الكلمة التي تعبر عن شعور المؤمن حينما يسمع نداء الله بأحب الأوصاف التي يصف بها عباده، وهو وصف الإيمان: "إذا سمعت الله يقول: ""يأيها الذين آمنوا" فأرعها سمعك".
وقد نادى الله الأشخاص والطوائف والشعوب، ونادى الناس جميعاً. ونادى أشياء مما خلق.
وندؤه للعقلاء أفراداً أو جماعات نداء تكليفى يتضمن أمراً يطلب فلعا، أو نهياً يطلب تركاً. أما نداؤه لغير العقلاء مَّما خلق، فهو نداء تكوينى تُصور به مطاوعة الكائنات لخلقها، وخضوُعها لسنته، كما يخضع المنادَى حين ينادى ممن فوقه، ومن هذا النوع الأخير "يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء أقلعي" "يا ناركونى برداً وسلاماُ على إبراهيم" "يا جبالُ أوِّبى معه".
وقد جاء نداؤه للعقلاء على أنواع:
(1) نداء لأشخاص بأسمائهم. وهذا النوع قد قصّه الله علينا في كتابه بالنسبة لبعض الأنبياء السابقين، ناداهم بأسماءهم استناهاضاً لهمتهم أو تنبيهاً إلى خطرما كلفوا به واصطفوا لأجله، أو تهدئة لروعهم، وتسكيناً لأفئدتهم: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة". "يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلَّك عن سبيل الله" "يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين".
(2) نداء بالوصف الذي يحدد المهمة ويبعث على القيام بها وعدم التأثر بشيء في سبيل أدائها " يأيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" "يأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر".