/ صفحه 326/
ودعاهم إلى الزهد، بالتخلص من هذة الفضول، وهى مغالاة في الزهد من أبى ذر، إلا أن الذي لامرية فيه أن الله جعل في أموال الأغنياء حقا للمحرومين، وترك الأغنياء كما قلنا أمر تقديره "و في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" فعليهم حق معلوم معروف مقرر في أموالهم غير أن تقديره لصاحب المال.(1)
والمتأمل في المصارف التي عينها القرآن الكريم لتنفق فيها أموال الزكاة والصدقات، يؤمن إيماناً قويا بهذا التضامن الجماعى الذي نتحدث عنه "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم، وفى الرقاب، والغارمين، وفى سبيل الله، وابن السبيل. فريضة من الله، والله عليم حكميم" "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب؛ ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين. وآتى المال على حبه، ذوى القربي. واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب…" فأنت تجد القرآن لم يدع جهة حاجة موجودة أو محتملة، إلا عينها، وأوجب على الأمة سد حاجتها، عن طريق الفرض الجبري، أو الفرض الاختياري، الذي سماه براً، صيانة للمجتمع من الثورات والقلاقل التي ينتجها شح الأغنياء، واستبداد الحاجة بالمحرومين، وكثيراً ما نبهت النصوص على أن أسباب الحرمان، هى دائماً أسباب غير إرادية، كما أن أسباب اليسر كثيراً ما تكون غير إراية، وأن الحرمان والغنى سواء في أنهما محنة، لا ختبار مدى إيمان المحرومين، الذي يجب أن يقودهم إلى القناعة والصبر، وامتحان مبلغ إيمان الموسرين، الذي يجب أن يحملهم على الرحمة والعطف، فعلى الغنى ألا يدع قلبه يتحجر، وعلى الفقير ألا يدع صبره ينفجر أو يتهور "و نبلوكم بالشر والخير فتنة" فما أحرى الغنى بالبذل والمرحمة، وما أجدرالمحتاج بالقناعة واصبر واللطف في الطلب! "و لو أنهم فعلوا ما يوعظون به. لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً،
ـــــــــــ
(1) راجع بحث مكانة الزكاة من الشئون الاجتماعية للاستاذ الشيخ شلتوت في مجلة الأزهر عدد المحرم سنة 1359 هـ، وتجده أيضاً في العدد السادس (11 المحرم سنة 1357هـ) 5 ديسمبر سنة 1946 من مجلة الشبان المسلمين.