/ صفحه 325/
مقررة منذظهر الإسلام، ولسنا نجد ربطا للاجتماع بالسياسة والاقتصاد على هذا النمط الاسلامى الذي يلزم الناس به على أنه دين واجب التنفيذ، لاكمال أو إسعاف يجوز الالتجاء إليه عند الحاجة، وللإسلام في ذلك طريقة فريدة ثابتة لا تتغير ولا تبدل، بتغير الزمان والمكان، فهو يفرض "الزكاة" قدرا محددا على أنصبة مقدرة محددة بنسب معقولة جدا "لا ترهق الغنى ولكنها تسعف الفقير" وتسد معظم حاجات الدولة، ولا سبيل للتخلص من هذا الفرض إلا إذا وجد سبيل للتخلص من كل الفروض الجبرية كالصلاة والصوم والحج مثلا، ولهذا اتفق صحابة الرسول (صلى الله عليه وسلم) على محماربة مانعى الزكاة بعد موت الرسول الكريم، لأن الله لم يجوز الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض.
ومن ناحية أخرى أراد الإسلام أن يمرِّن المسلمين على عمل الخير ويوجههم إلى التراحم وجهة عملية تكون مجالا للتنافس الإنساني، فأوجب على الأغنياء والموسرين مواساة إخوانهم الفقراء والمحرومين من فضول أموالهم، وسمى ذلك صدقة، أو قرضا حسنا لله، أو الانفاق في سبيل الله، وجعل ذلك من صفات المؤمنين المخلصين، ووعد عليه بحسن الجزاء، وترك تقدير ذلك للمنفقين، يقدر كل منهم ما يجب عليه حسب سعته وحاله ومبلغ صدقه في إيمانه؛ وتوعد الأغنياء الذين يبخلون بما أعطاهم الله من فضله بعذاب عظيم: "و الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشر هم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نارجهنهم فتكوى بها جباهم وجنوبهم وظهورهم. هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون".
ولقد لاحظ عمر بن الخطاب في أواخر أيامه. أن تقدم الزمن بالمسلمين، وابتعادهم شيئا فشيئا عن عصر الرسالة الهادية، لم يجعل المواساة على حالها فقال: "لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لأخذت من الأغنياء فضول أموالهم فجعلتها ـ أو قسمتها ـ في الفقراء" ثم جاء أبو ذر الغفارى الصحابى الجليل، فرآى أن الأغنياء لا يحل لهم الإبقاء على شيء من فضول أموالهم،