/ صفحه 327/
وإذن لآتيناهم من لدنا أجراً عظيما، ولهديناهم صراطا مستقيما" وإذن لا ستقام أمن المجتمع، وتحقق فيه العدل والرخاء.
بهذا التضامن الجماعي، يضمن الإسلام مجتمعاً سعيداً، يقوم حقيقة على الحرية والأخواة والمساواة والعدالة، وتوجهه المصلحة العامة باسم الدين إلى خير الجميع، ولم يدعه الإسلام هكذا مجرد رغبة، بل قرروجوب قيامه بين أفراد الأمة، وبينهم وبين ممثلى الجماعة "الحكومة" ورتب على ذلك مسئولية مشتركة يؤذخذ بها الجميع أمام الله "فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون" "فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين، فلنقصن عليهم بعلم وما كنا بغائبين" "و إنه لذكرلك ولقومك، وسوف تسألون" ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" ووقفوهم إنهم مسئولون" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" "ألمسلمخون يدُ على من سواهم".
وإذا كانت هذه المسئولية "أخروية" فإن انجاه القرآن في خطابه إلى المؤمنين الذي أخرج لنا ـ كما قلت سابقاً ـ لأول مرة،‌أمة مكلفة مسئولة. يعنى أن هذه المسئولية دنيوية أخروية، ويعظم أمرها ويشتد، يوم "لا ينفع نفساًُ إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا"، وبهذه المسئولية ألزم الفرد بضمان صلاح الأمة، وألزمت الأمة بضمان صلاحية الفرد، وتولى الفقه الإسلامى وصع الضوابط التي تضمن عدم طغيان الفرد على الأمة، وعدم استبداد الأمة بالفرد، حتى يتلاشى كيانه.
وبعد فهذه عناصر وجود الأمة الإسلامية، التي تحقق وجودها إن وجدت فيها، وتؤهلها للقيام بتكاليفها لتعلن أنها موجودة:
توحيد لله المالك المطلق لجميع عبيده الذين خلقهم من أصل واحد، أحراراً متساوين في الحقوق والتكاليف، ووحدة للأمة تجمع شتاتها على بعد الدار، وسعة الفواصل، وأخوّة بين أفراد الأمة الأحرار المتساوين، تحملهم على التعاطف والتراحم، والتضامن في جلب الخير، ودفع الأذى بين المسلمين في دار الإسلام، الوطن الأكبر الذي يضم بين جوانحه كل من يوحّد الله، ويؤمن برسالة محمد ابن عبدالله؛ ومسئوليه عامة يؤخذد بها المسلمون جميعاً أخذاً لا هوادة فيه.
بهذه العناصر أخرج الإسلام خير أمة قوّية، تقوم قوتها على اخير والعدل والسلام، أمة تحكمت قرونا طويلة في سياسة العالم وتصريف شئونه، وأثبتت نجاح التجربة المحمدية نجاحاً منقطع النظير، يعرفه كل من درس تاريخ الدسلام والمسلمين، فهل آن للمسلمين أن يحققوا وجود أمتهم مرة أخرى؟!
سيقول الضعفاء، والذين في قلوبهم مرض: ما ولاهم شطر الماضى يبكونه أو ينشدونه، فهل لديهم اليوم منهج لمستقبل يرجونه؟! ونقول لهم في ثقة المؤمنين: لدينا منهج قويم، "لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" "كتاب أحكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" سنحارب به الضعف والمرض في صفوف المسلمين، وسنذّكر المؤمنين بما فيه، وندعوهم إليه، فآمنوا به أو لا تؤمنوا، سواء علينا أجزعتم أم صبرتم، فإن أمرهذه الأمة كما صار إلى التفرق والاتباع، صائر باذن الله إلى الجتماع والتباع، "ولتعلمن نبأه بعد حين". "سيذّكر من يخشي. ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبري" وليعودن الإسلام كما بدأ عجيباً يبهر القلوب والأنطار، ولينصرن الله من ينصره، وإن غداً لناظره قريب.
وإلى اللقاء في فرصة أخرى لنتحدث عن منهج الدعوة للمستقبل المأمول "و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" "إن هذه تذكِرَة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا".
والسلام على من اتبع الهدى وقال إننى من المسلمين؟