/ صفحه 321/
الجميع، ولا أكاد أعرف حكما إسلاميا ـ إيجابيا أو سلبيا ـ لا يقوم على المصلحة، أو لا يعلل بالمصلحة في الفعل والتراك! وهدف ذلك كله، جَعْل وحدة الأمة قوية متماسكة، تسخر لمصلحتها جهود الفرد، وتسخر جهودها لمصلحة الفرد، الفرد يخدم الجماعة ـ الأمةـ ويرعى صوالحها، والأمة تخدمه وتحفظه وترعى صوالحه، فاذا تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة الأمة، كان لمصلة الأمة المحل الأول في الاعتبار، ولقد ضرب الرسول الكريم مثلا رائعا يوضح لنا مبلغ اعتبار هذا التضامن الجماعى لمصلحة الجميع، والحد من حرية الفرد أو تقييد مصلحته بمصلحة الجماعة بقول: "إن قوما ركبوا في سفينة، فانقسموا، فصار لكل رجل منهم موضع. فجاء رجل منهم فنقر موضعه بفأس. فقالوا له: ما تصنع؟ قال: هو مكانى أصنع فيه ما أشاء، فإن أخذوا على يده نجا ونجوا، وإن تركوه هلك وهلكوا." وهكذا ربطت مصلحة الفرد بمصلحة الجماعة، ووجب على الجماعة رعاية صالح كل فرد حتى لا يهلك فتهلك الجماعة، كما أن عليها أن تستيقن من أن نتصرف الفرد الخص يحقق مصلحه، ولا يؤدى إلى هلاكه، ومن ثم صح الحجر على السفهاء الذين لا تَضمن تصرفهاتهم مصالحمهم أو تصر بمصالحهم ومصلحة الجماعة.
وتبدو مظاهر هذا التضامن بين الفرد والأمة في ثلاثة أمور قررها القرآن الكريم بعناية تامة، ودعا إليها كثيراً في أكثر من موضع، وهي: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وشئون الحكم، والتنظيم الاقتصادى للإسلام، وإنى محدثك عنها بديجاز.
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:
"كنتم خير أمة أخرجت للناس. تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر. وتؤمنون بالله…" وهذا الأمر والنهى هو المعنّى بقول الرسول الكريم "الدين النصيحة لله ورسوله، ولأئمة المؤمنين وعامتهم" فهو النصح والإرشاد. والتواصى بالحق والصبر رالمرحمة، والأمر والنهي، أو النصيحة، سلطة عامة. لا حدود لا ختصاصاتها، وإن كان لها آدابها، وهى حق لكل مسلم يرى نفسه أهلا لها، وصالحاً لمباشرتها، بحيث يكون سلوكه قدوة في الخير والبر،