/ صفحه 320/
3ـ التضامن الجماعى والمسئولية المشتركة:
تقررت الحرية والأخوة المساواة بين الناس كافة وبين المؤمنين خاصة، فهل في الإسلام ضمان من سئؤ استعمال هذه الحقوق؟.
لم يشأ الإسلام أن يدع لكل فرد تحديد مدى حريه ومساواته حتى لا يظغى على حريات الآخرين، فيكون الفساد من حيث أريد الإصلاح، والظلم عن طريق الرغبة في تحقق العدالة، ولكنه جعل لذلك شرعة ومنهاجا، فربط بين المسلمين برباط جديد ـ لم تعرفه الانسانية من قبله، ولم تصل إليه تماما بعد ـ هو التضامن الجماعى لخير الجميع، والمسئولية المشتركة عن صالح الجميع، تقرر هذا نظريا وطبق عمليا بنجاح عظيم منذ القرن السابع الميلادي! وهاك حديثه.
يقصد بذلك المبدأ. تكليف الفرد بالنظر إلى نفسه على اعتبار أنه عضو في أسرة يحتاج إليها وتحتاج إليه، لا على اعتبار الفردية المطلقة؛ وتكليفه بتوخى صالح المجموعة في كافة أعماله، وأن يرعى شئون غيره بالعدل، وألا يدفعه بغضه لشخص أو جماعة إلى ظلمها، وأن يدفع الضرر ما استطاع عن أخيه الفرد وعن المجموعة، ووعد الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة حسن الجزاء في درا البقاء: "و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" لأن الشح ربيب الأثرة الداعية إلى الفردية والظلم والعدوان، وفى هذا المعنى يقول الرسول صلوات الله عليه وسلامه: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يجب لنفسه" "المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه". "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وجعل المسلمين في تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا أصيب منه عصو، لحق الأذى الجسم كله: وأصل ذلك ما ورد في القرآن الكريم من حض على التعاون والبر والاحسان كقوله تعال: "وتعاونوا على البر والتقوي، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" وقوله: "و تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" إلى غير ذلك من آيات كثيرة في هذا المعنى الذي يوجب على الفرد والجماعة، التناء الأعمال على رعاية مصلحة