/ صفحه 311/
بمناسبة رمضان:
تحِيَّة إِلى الرّوحِ العلَوِيَّة
من الذكريات التاريخية التي يذكرنا بها شهر رمضان؛ ذكرى مقتل الإمام الشهيد علي بن أبى طالب عليه سلام الله ورضوانه، فقد طعنه الشقى عبدالرحمان ابن ملجم طعنة مصْمِيَة لا يزال يضطرب لها كل قلب يؤمن بالله واليوم الآخر، وينطوى على حب رسول الله وآله الكرام.
إن عليا كرم الله وجهه هو الإمام الذي التقت على حبه وإجلاله جميع الطوائف الإسلامية، فلن تجد اليوم في شعب من شعوب الإسلام إلا قلوبا على ذكراه حانية، وبعلومه وآثاره الطيبة ومنزلتة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مُدلة فاخرة، وقد كان عليه صلوات الله ورحمته مرموق المكانة بين جلة الأصحاب مقدماً فيهم، مستشاراً، ثاقب الرأي، نافذ البصر، صادق الفراسة،ذرب اللسان، قوى الجنان، متمسكا بالحق، زاهدا في الدنيا، كثير الخوف من الله، أمينا على ما ائتمنه عليه، لم يحاب فيه أحداً من الناس حتى أخاه.
إن من الولاة مَنْ يعملون لدولتهم، ومنهم من يعملون لأمتهم، فالعاملون للدولة هم الذين يجعلون همهم حفظ سلطانهم، وتثبيت أقدامهم، وتوجيه كل شيء إلى أنفسهم وأبنائهم وأهليهم، أما العاملون لأمتهم فسواء عليهم أثَبَتَتْ في الملك والسلطان أقدامهم أم تزلزلت، فإنما يرجون الصلاح والخير لهذه الأمة، ويرتادون لها الطيبات، ويحرصون على أن يكونوا فيها خلفاء الله حقاً، فهم خدامها المخلصون، ووكلاؤها الناصحون، لا يذكرون أنفسهم، ولا يحفِلون بأشخاصهم ولا يدورون مع أساليب السياسة حيث دارت، ولا يلتعوون مع أهوائها حيث التوت، أولئك مُثل الحكم الصالح، وألوية القيادة الرشيدة الموفقة، ومنابع الخير واليمن يفيض الله بها على من يشاء