/ صفحه 309/
المتقدمة بعد مزاولتها واستفراغ وسع المجتهد فيها لحصول ملكة الاستنباط مع شرط العدالة، فهل يبقى مجال للقول بأن الشيعة الامامية "أجازوا نسخ بعض النصوص بالاجتهاد لتهوين القدسية التي تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع؟" "ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق".
وإذا كان لابد من الإشارة إلى حقيقة (الطوفي) نجم الدين الصر صرى البغدادى الحنبلي، فهو على الرغم مماذكره الأوائل الذين اعتمد على روايتهم فضيلة الأستاذ أبو زهرة والأستاذ عباس الغزاوى البغدادى في كتابه: "تاريخ العراق بين احتلالين" في تشيع الشيخ الطوفى باعتباره من المغالين في القول بالمصالح المرسلة، وأن أسلوبه في ذلك أسلوب شيعي، فالحقيقة التاريخية لا تعضد ما ذهب إليه الفاضلان، وذلك:
1ـ ان الشيعة الامامية كما علمت لم يقولوا بالمصالح المرسلة، ولا بحجية الأدلة الأصولية الأخرى التي قررها الطوفى في رسالته، ومن جملتها: (1) إجماع أهل المدينة (2) القياس (3) قول الصحابى بلاقيد (4) العادات (5) الاستقراء (6) الاستدلال (7) الاستحسان (8) الأخذ بالأخف (9) إجماع أهل الكوفة . فكل ذلك لم يكن من أصولهم حتى يلتقى الرأيان أو يتقاربا.
2ـ ان كتب الرجال عندهم على كثرتها لم تذكره في طبقات فقهائهم ومحدثيهم، ولا في طبقات شعرائهم وأدبائهم أو في أى صنف من صنوف رجالهم وهم أشد الناس اهتماماً بتراجم أصحابهم ورواتهم.
3ـ أما كونه قد انفرد برأى عن أصحابه الحنابلة، أو كان قد تلمذ على أحد علماء الامامية في علم من العلوم ـ إن صح ذلك ـ فهذا الدليل على ضعفه ووهنه لا يستلزم القول بأن مهاجمته للنصوص وتقديمه المصالح المرسلة عليها في بعض الحالات قد استفاده من أسلوب الامامية، بعد أن علمنا أن ذلك لم يكن من مذهبهم.