/ صفحه 306/
التعليق الوجيز، وإنما الحقيقة التي أريد بيانها ورفع القناع عن وجهها لتسفر وضّاءة ناصعة، هي: هل المصالح المرسلة من أدلة الفقه الجعفري؟ وهل الشيعة الامامية يرون باب النسخ لم يغلق بعد وفاة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)؟ وهل أريد بذلك عندهم تهوين القدسية التي تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع ؟ هذا هو الغرض من التعليق على كلام العلامة أبى زهرة، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول.
من المعلوم أن أدلة الأحكام عند الشيعة الإمامية هي: (1) الكتاب (2) السنة (3) الإجماع (4) العقل. أما القياس والاستحسان والمصالح المرسلة والذرائع، فلا معول على حجيتها عندهم، مالم ينص عليها الشرع، أو يحكم بها العقل، ودليل العقل لايدخل فيه القياس والاستحسان والمصالح المرسلة، وكذلك (الاستصحاب) فليس من الأدلة العقلية عند المتأخرين منهم لأنهم اعتبروا حجيته بدلالة الاخبار بعكس المتقدمين، فكانوا يعتبرونه من الأدلة العقلية المتوقفة على الخطاب، وهو المسمى باستصحاب حال الشرع، وقد تناولته كتب أصول الفقه بإسهاب.
وأما اعتقاد الشيعة الامامية في "الكتاب" فهو القرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله، وأنه ما بين الدفتين، وهو ما في أيدى الناس لا أكثر من ذلك ولاأقل، وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا يرجى للقرآن نزول تتمة، والمطلق والمقيد، وأن الحجة منه عند هم النص الظاهر دون المؤول والمجمل والمنسوخ.
أما "السنة" وهى قول المعصوم أو فعله أو تقريره وما نقل منها، فالحجة منه بحسب السند ما كان متواتراً أو محفوفاً بقرائن توجب العلم بصدوره، وعلى هذا فخبر الواحد عندهم حجة متى روته العدول عن العدول، أو كان محفوفاً بقرائن توجب الوثوق بصدوره، وإلا فليس بحجة. وأما‌"الاجماع" فليس حجة بنفسه، وتعتبر حجيته عند دخول الامام في المجمعين أو الكشف عن رأيه من باب استكشاف قول الرئيس بقول أتباعه، أو عند قيام دليل معتبر، فالاجماع في