/ صفحه 299/
ذلك إلى أن المادة التي طغت على كل قوة في العالم الحاضر، قد اجترفت أصحاب المواهب الشعرية، فصر فتهم عن الرضا بالمعانى الإدبية، إلى التماس المطالب المادية التي أصبح كماليّها ضروريا، من السبل التي قضت الأوضاع الاجتماعية بأنها الموصلة إليها. وعندنا: العقاد، وبيرم التونسي؛ هذان ـ في مذهبى ـ أفحل شاعرين في مصر، لا يقفان دون شعرائنا الفحول الذين نذكرهم فيسمو بنا الفخر، قوة موهبة؛و طبقة شعر! ولكن أولهما انصرف إلى الكتابة والتأليف، فوهبهما صفو عنايته، وفورة جهوده، وأبقى للشعر في نفسه ركناً مهجوراً، يلجأ إليه إن عدا الموت على عزيز عنده، وقلما يعدو فيما دون العام أو الأعوام … فأما الآخر، فقد استبد به الزجل، الذي يجيده ببراعة لا تجاري، عن الشعر جملة حنى ليخيل إلى أنه لو انتقلت أمّه إلى رحمه الله … لرثاها بحمل زجل!.
هذا مثل أضربه، ومن ورائه أمثال، لا تمس إلى الإطالة بذكرها حاجة، في مصر، وفى غير مصر، من الأوطان الإسلامية والعربية والمهاجر.
ولقد ألّفَت في العهود الأخيرة جماعات للشعر؛ عرفنا منها: رابطة الأدب العربى أو رابطة الأدب الجديد؛ وجماعة أبو لُّو؛ ثم رابطة أدباء العروبة؛ ويضعف أملى في أن الروابط والجماعات المنظمة ذوات أثر في النهوض بالشعر،ت لأنها في الأعم الأغلب تنتظم كل من استطاع أن ينظم كلاما، ولو كان أبعد من النثر نسبا إلى الشعر؛ وتسودها المجاملات والاعتبارات الثانوية، فتسوّى بين الشاعر الموهوب، وبين المفحم المتشاعر، على أن الشعر من الآداب الرفيعة التي لا تعيش إلا في جواء الحرية والانطلاق؛ وإنما يهذبها، ويسموبها، النقد الحر الصريح، على سنة الشعراء في العصور الذهبية للشعر العربي، ولعل المباريات في جملتها أجدى على الشعر، وأبعد أثرا فيه من تنظيم الجماعات.
وأحدث دعاة التجديد على المذاهب الغربية، لا يرون أن الشعر قد وقف، بل يقولون: إن