/ صفحه 287/
استصحاب الشيء هو البقاه على اليقين السابق بوجوده، واستمراره إلى زمن الشك، واحتمال خلوه من صفحة الوجود، فلو علمنا بحياة إنسان غائب، ثم احتملت لدينا وفاته لسبب من الأسباب، فنبقى على اليقين السابق بحياته، ولا نرفع اليد عنه إلا بحدوث اليقين بموته، وخير ما قيل في تحديد الاستصحاب موضوعا وحكما قول الإمام الصادق (لا يُنقض اليقين بالشك، ولا يدخل الشك في اليقين، ولا يخلط أحدهما في الآخر، ولكنُ ينقض الشك باليقين، ويتمُّ على اليقين، فيبنى عليه، ولا يعتد بالشك في حال من الأحوال).
وقد اتفقت كلمة الجميع على العمل باليقين السابق عند فقدان النص إلا أن هناك موارد خاصة هى في نظر القدامى داخلة في الاستصحاب بينا يراها المحدَثون خارجة عنه، ونذكر منها موردين.
(1) ان يسرى الشك إلى وجود الشيء وحدوثه، بجيث يتبين أن وجوده لم يكن متيقناً في آن من الآنات، كما إذا تيقنت يوم الجمعة بعدالة زيد، ثم يوم السبت، ترددت في عدالته في بدء الأمر، وأنه هل كان عادلا يوم الجمعة، وأن اليقين كان مطابقاً للواقع، أوأنه لم يكن عادلا أبداً، وأن اليقين السابق كان اشتباها وجهلا مركبا، ومثل هذا خارج عن الاستصحاب، لأن حقيقته أن يتمحض الشك إلى البقاء مع إحراز اليقين بالوجود في السابق، كم لو علمت بعدالة زيد يوم الجمعة، وترددت في بقائها، واستمرارها إلى يوم السبت، وبتعبير أخصر إن الاستصحاب هو علم بالحدوث وشك بالبقاء، ومتى رجع الشك إلى الحدوث نفسه، فلا يكون من الستصحاب في شيء، وسمى المتأخرون هذا النوع بالشك الساري، وجزموا بفساده وعدم الاعتماد عليه.
(2) ان الشيء الذي أريد استصحابه، والحكم ببقائه واستمراره، تارة يكون بنفسه حكماً شرعياً، كوجوب شيء أو حرمته، وأخرى يكون موضوعا خارجياً، وليس له أى أثر شرعي،