/ صفحه 286/
والخلاصة أن الاجماع المنقول ليس بحجة، والاجماع المحصل حجة شريطة أن يحصل من الصدر الأول إلى العصر الأخير، وقد اشتهر على ألسنة رجال الدين في هذا العصر، وذهب مذهب المثل القول: بأن الجماع المنقول ليس بحجة، والمحصل غير حاصل.
الشهرة:
ذهب بعض من تقدم إلى أن الشهرة دليل شرعي، لأنها أقوى ظنا من الحديث المنقول بخبر الواحد، ومن شهادة العدلين.
وقسم المتأخرون الشهرة إلى ثلاثة أقسام:
أولها: الشهرة الروائية، وهى أن تشتهر رواية بسبب نقلها في أغلب كتب الحديث، وتكرارها على ألسنة الراوين، وهذه الشهرة لا تفيد أية فائدة سوى أنها تكون سببا في تقديم الرواية المشهورة عند معارضتها برواية أخرى دونها معرفة وشهرة، فتقديم الحديث المشهور والأشهر متفق عليه بين الفقهاء جميعا.
ثانيها؛ الشهرة العملية: وهى أن توجد رواية ضعيفة السند، ولكن على الرغم من ضعفها عمل بها أكثر الفقهاء، واستندوا إليها في الفتوى والعمل، فعملهم يجبر ما فيها من ضعف، كما أن إعراضهم عن رواية صحيحة السند يضعف من قوتها، وبعبارة أخصر إن عمل المشهور يقوى الضعيف، ويضعف القوى من جهة السند فحسب، لأن إعراض أكثر العلماء عن حديث هو بمرأى منهم، مع شدة احتياطهم للدين يدل دلالة واضحة على أن هناك أسباباً تستدعى ترك الحديث، من غفلة الرواي، أو عدم صدرو الحديث لبيان الحكم الواقعي، وما إلى ذلك من الأسباب الصحيحة التي أطلعوا عليها، وخفيت علينا، كما أن عملهم بالضعيف مع علمهم بحال الراوى يدل على صدقه بهذا الحديث خاصة، لأن الكاذب قد يصدق.
ثالثها: الشهرة الفتوائية. وهى أن يفتى أكثر الفقهاء في واقعة ما، ولم نعلم مدرك الفتوي، وهذه لا تأثير لها في شيء أبدا، لما قدمنا من الكلام على الاجماع.
الاستصحاب: