/ صفحه 288/
كبقاء حجر في المكان الذي كان فيه، وحياة شجرة كانت حية في العام الماضي، وثالثاً يكون موضوعا خارجياً، له آثار شرعية تترتب عليه ابتداءً وبلا واسطة، وله آثار غير شرعية، كحياة زيد، فإن من آثارها الشرعية، وجوب الإنفاق على زوجته، وعدم تقسيم تركته، ومن غير الشرعية نمو جسمه، وقيامه بأعمال تتفق مع حياته ومهنته، والقسم الأول يجرى فيه الاستصحاب، ويكون الحكم الشرعى المجهول بمنزلة المتيقن من حيث وجوب العمل، والقسم الثانى لا يجرى فيه الاستصحاب بوجه، وينقض اليقين فيه بالشك، أما القسم الثالث، فيجرى فيه الاستصحاب بالنسبة إلى الآثار الشرعية فحسب، دون اللوازم العادية والعقلية، للموضوع المستصحب، فباستصحاب حياة زيد نثبت وجوب الانفاق على زوجته، وعدم تقسيم تركته، ولا يمكن إثبات شيء غير شرعي، مما تستلزمه حياته العامة والخاصة.
والسرأن تنزيل المجهول منزلة المعلوم، ومعاملة الشيء الذي لم يحرز بالوجدان ولا بالبينة، معاملة الشيء الثابت؛ ـ هذا التنزيل وهذا المعاملة، خلاف ما ينبغى أن تكون عليه الحال، لأن المجهول غير المعلوم، والمتردد غير العالم، ولكن للشارع أن يطلب من المكلف في جميع أحواله ما يشاء، وكيف يشاء، فيكلفه حال الجهل بما كلفه به حال العلم، مادام العقل لا يرى في ذلك بأسا، وقد ثبت عن الشارع أنه يجب المضى على العمل حال الشك، كما يجب حال العلم، وهذا التصرف من الشارع إنما يتناول ما كان من وظيفته وشئونه، أما الأشياء التي لا تدخل تحت سلطانه من حيث هو مشرع، فلا يجرى فيها الاستصحاب، فلو أن رجلا شكك في طلوع الفجر في إحدى ليالى شهر رمضان، فله أن يستصحب بقاء الليل، فيأكل ويشرب اتكالا على استصحاب الليل، لأن الشارع أمره بالبقاء على اليقين السابق، وأذن له بالأ كل والشرب مادام الليل باقياً. ولكن ليس له إذا سئل عن الساعة أن يجيب بأنهم لم تبلغ الرابعة بعد ـ إذا كانت وقتاً لمطلع الفجر ـ لأنها خارجة عن دائرة الشرع.
فاستصحاب أصل مدركه الشرع تعبد به المتحير، على أن يأتى بعمله على ما