/ صفحه 26/
الاقتصادية انقسمت الأمم الأوروبية إلى رأسمالية وشيوعية وفاشية، ولكن مع الأسف ليس حل منها أراح الناس ولا حل المشاكل، وأسباب فشلها كثيرة، منها: أن النظام الاقتصادي نظر إليه كأنه مستقل بنفسه، كأن الإنسان حيوان اقتصادي فقط ليس له خلق ولا عقل ولا روح، فالذين يكتبون في الاقتصاد يوجهون كل هممهم إلى المسائل الاقتصادية مجردة عن النظرات الأخلاقية والإنسانية، ويحاولون حل مسائلهم من هذه الزاوية وحدها، فمثل مثل المهندس الذي يضع كل همه في إصلاح الحائط المائل من غير أن يلتفت أي التفات إلى بناء البيت كله، أو كالطبيب الذي يداوي المعدة من غير أن ينظر إلى علاقة المعدة بالجسم كله، فالإنسان منتج ومستهلك من حيث الاقتصاد، وكلن له بجانب ذلك ناحية خلقية، وناحية اجتماعية، وناحية روحية وكلها تنتج الإنسان كإنسان، فالنظر إليه من ناحية واحدة نظر لا يجدي، من أجل هذا كان سلوك الناس الخلقي ضربة مميتة للحياة الاقتصادية، فالأغنياء الذين تكدست عندهم الثروة لم ينظروا إلا إلى أنفسهم، فتوسعوا في وسائل الملاذ، وبحثوا كل يوم عن مصدر جديد للذة وتفننوا كل التفنن في أثاث البيت ومطعمه وأدوات زينته تفنناً عز عن الوصف من غير التفاتة إلى إخوانهم الفقراء الذين لا يجدون ضرورات العيش، فنشأ عن ذلك الصراع الشديد بين طبقات الفقراء وطبقات الأغنياء كراهية كل لكل .
وقد حاولت الشيوعية أن تنظم هذه العلاقة وتقرب هذه المسافة، فنجحت في هذا، ولكن وقعت في الخطأ الذي وقع فيه غيرها من المذاهب الاقتصادية، فتصورت الإنسان كان ليس له دين ولا عواطف ولا حرية ولا شخصية، وإنما هو حيوان لا يسبح الا في الدائرة المالية، وفيها عيب آخر وهو أن استبداد أصحاب رءوس الأموال المتعددين تركز فقي النظام الشيوعي في يد الحكومة وأعوانها فأصبحت هي الوحيدة صاحبة رأس المال، وكان لها من التحكم في الأفراد وسلب حريتهم ما لم يستطعه أصحاب رءوس المال المتعددون، إذ كان في تعدد الرأسماليين منفذ للعمال، إذ ينقلون من صاحب رأس مال قاس إلى أقل منه قسوة