/ صفحه 254/
وتلك الأخلاق القويمة والمباديء الكريمة التي دعا إليها الإسلام وقام بها المسلمون هى سر انتشاره واتساع رقعته، وإن نظرة واحدة إلى العالم الإسلامى كما نراه اليوم لكفيلة بتبيين ذلك.
انظر إلى الإسلام تجده قد انتشر في بلاد الهند مثلا انتشارا عظيما، بعد سقوط الدولة المغولية، وبعد زوال ملك المسلمين، حتى بلغوا اليوم مائة مليون، وقاربوا الخمسين في الصين، وفى الأونيسيا وجوز المحيط الهندى وسواحله نحو ثمانين مليونا. وفى أواسط إفريقية عدد كبير من الملايين، كل ذلك من غير ان يكون له ظهير وسائل الدعوة بالحسنى التي أمر بها القرآن الكريم، في قوله: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالنى هى أحسن".
فالاسلام يتغلغل بالسلم أو الاقناع، ويسير إلى الأمام بخطى واسعة، قوى المؤمنون أإو ضعفوا. ولقد شهد بذلك كل من رجال الدين والسياسه على السواء.
فترى هتلر مثلا في كتابه (كفاحي، يصرح بأن المبشرين مع ما ينفقون من أموال، وما يبذلون من تضحيات، لم ينجحوا في إيقاف هذا التيار الجارف، تيار انتشار الإسلام. ولعل ذلك هو الذي دعا بعض السياسيين إلى أن يمنعوا المسلمين من دخول بعض المناطق الاستوائية. ومنع سكان هذه المناطق من الاتصال بالمسلمين. أتلك هى حرية القرن العشرين أم أننا لا نزال نتخبط في دياجير من العسف والعبودية؟
قلنا: إن الإسلام وضع قواعد عامة، وترك أمرها إلى أهل الذكر من المسلمين، كما جاء في القرآن الكريم "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
ولهذا قام في الدين عند بعض المذاهب ـ للمحافظة على روح الإسلام، وحسن تطبيقه ـ مصدر ان آخران في التشريع بعد القر آن والسنة. هما القياس والاجماع. حتى إذا ظهرت حادثة لم يشملها نص صريح من كتاب أو سنة، تمكن المؤمنون من إيجاد حكم معقول لها، مسترشدين في ذلك بالأقسة، وبإجماع أهل الذكر،