/ صفحه 242/
أنظارهم في سبيل ذلك إلى حادثتين عظيمتين من حوادثهم الخاصة، لهم في كل حادثة منهما أكبر العظات فيما قررته السورة من مقصديها العظيمين: الصدق في الإيمان، وعدم الاغترار بزخارف هذه الحياة.
تلفتهم إلى واقعة بدر وكيف انتصروا فيها بالإيمان والصبر والتقوى مع قلتهم وضعفهم في المال والعدة، ومع كثرة أعدائهم ووفرة مالهم وقوة عددهم: "و لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعكم تشكرون، إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين؟ يلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلا ف من الملائكة مسومين، وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به، وما النصر إلا من عند الله العزير الحكيم، ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين".
وتلفتهم إلى واقعة أحد وفيها اعتمد المسلمون على قوتهم وكثرتهم، وخطف أبصارهم شيء من زخارف الدنيا، وفيها انهزموا لسبب مخالفة الرماة أوامر القيادة الحكيمة، وفيها أرجف الأعداء بموت الرسول، فتزلزت أعصاب كثير من المؤمنين، وفيها أفصح المنافقون عن نياتهم، وفى ذلك كله تقول السورة: "و لقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه" الخ، وفيها تقولك‌"إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا" وفيها تقول: "و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل افإن مات أو قتل انقلبتهم على أعقابكم؟ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسجزى الله الشاكرين، وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها، وسنجزى الشاكرين، وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهو الما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين، وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة، والله يحب المحسنين" وفيها تقول عن المنافقين الذين رجعوا: "و ما