/ صفحه 24/
النظام المالي في الإسلام
لصاحب العزة الكبير الدكتور أحمد أمين بك
النظام المالي في كل أمة أساس عظيم لحياتها الاجتماعية، فإن رأيت أمة متقدمة في المدينة والحضارة، وفي العلوم والفنون، وفي المخترعات ووسائل النقل والمواصلات، وعلو مستوى المعيشة بني إفرادها، فاعلم أن ذلك ناتج من حسن نظامها المالي؛ وإن رأيت الفقر المدقع منتشراً بين جمهورها، وهي منحطة في زراعتها وعلومها وفنونها، فاعلم أن ذلك يرجع أولا إلى سوء نظامها الاقتصادي ولذلك قومت المدنية الغربية الأمور الاقتصادية تقويماً كبيرا، بل جعلتها أساساً ويؤثر في نظامها السياسي، ونظامها الاجتماعي ووجد المتخصصون في المسائل الاقتصادية، والتعمق في بحثها، وأفرادها بعلم يسمى علم الاقتصاد، له الشأن الأول بين العلوم.
ومن أجل هذا كان من رأى كثير من المصلحين في الشرق، أن يوجهوا عنايتهم إلى حالته الاقتصادية، وأن يقدموا ذلك على الإصلاح الاجتماعي والسياسي، فلو أصلحت، أصلحت الحياة الاجتماعية والسياسية، ودليلهم على ذلك أن الشرق متأخر في زراعته، فليست مبنية على العلم بل هي مبنية على التقاليد القديمة والأوضاع الموروثة، وإذا سلط العلم على الزراعة أمكن أن ينتج الشرق في زراعته أضعاف ما ينتج الآن، وكذلك الشأن في معادنه المدفونة في أرضه وصناعته البدائية وما إلى ذلك، فالشرق غني ولكن لا يجد الرأس