/ صفحه 23
بعيد بين الدول الغربية على توطيد دعائم الطمأنينة والسلام في العالم، ذلك بسبب شقاقها واختلافها في آرائها وفلسفاتها السياسية والاجتماعية.
وهناك من يرى أنه لا مخرج للعالم من هذه المحنة، إلا بقيام حضارة إنسانية جديدة لا شرقية ولا غربية، حضارة نبيلة تجمع بين مميزات الحضارة الشرقية الإسلامية؛ فتعنى كل العناية بتعزيز شأن المعنويات والحقائق الروحية، وبين مميزات هذه الحضارة الغربية، في التنظيم واستخدام هذه الفنون العملية من رياضية وطبيعية في شئون الحياة.
إن شعوب الشرق تميل إلى الأخذ بالمساواة في الحقوق بين البشر أفرادا وجماعات قدر الإمكان، طبقا لرسالة الدين الإسلامي وتعاليمه السامية، والرجاء معقود أن يؤدي الإسلام والعالم الإسلامي نفسه رسالته في هذه المحنة العصيبة، وأن يوفق المسلمون بعد وعيهم وإدراكهم الحق لمركزهم ولمكانة الدين الإسلامي بين الأديان، وللحضارة الإسلامية بين الحضارات، إلى حل الأزمات والمشكلات التي يعانيا العالم اليوم، سواء أكانت أزمات روحية أم مادية، ولعل الشريعة الإسلامية أول شريعة دعت إلى إنشاء سلطة عالمية، وإلى المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات، وإلى التعاون والإخاء.
أن هذه فرصة ذهبية للمسلمين، عليهم أن ينتهزوها بلباقة، وألا يتركوها تفر من أيديهم وهم إليها ينظرون، وعليها يتحسرون، بل إنها لفرصة ذهبية للعالم كله، حيث محصته المتاعب والأهوال التي قاساها، وهيأته لقبول مبادئ لم يكن من قبل متهيأ لها، وعلى المسلمين أمام ربهم وضميرهم الإنساني مسئولية الدعوة والبيان والإقناع بهذه المباديء.
ومتى أحسن العالم فهم روح الهداية الإسلامية على الوجه الذي بيناه في هذه الكلمة، تيسر حصول التوازن بين الشرق والغرب، وقضى على اختلال قانون الموازنة كما نشاهده اليوم، وعاش العالم في ظلال وارفة من الأمن والطمأنينة والسعادة والحياة الكريمة؟