/ صفحه 238/
"كل الطعام كان حلا لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوارة، قبل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون، قل صدق الله، فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم".
وقد سمعوا من قبل في هذا الشأن من سورة البقرة: "و إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واسماعيل، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، وأرنا مناسكنا وتب علينا، إنك أنت التواب الريحم، ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم".
فهذا شأن الطعام كان حلا لبنى إسرائل، وهذا دين إبراهيم كان هو الإسلا، وهذه هى الكعبة رفع إبراهيم قواعدها واسماعيل، وطهراها للطائفين والعاكفين والركع السجود، وهذا محمد بن عبدالله هو دعوة أبيه إبراهيم "و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه، ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين" هذا ما تناولته السورة في تقرير المقصد الأول، ومعالجة أفانين حيلهم وشبههم فيه
وبينما كانت السورة تقرر هذا المقصد على هذا النحو الذي شرحنا؛ كانت تعرض في الأثناء إلى بيان العلة التي تستحوذ على قلوب الناس، وتستولى على عقولهم فتحل بينهم وبين اعتناق الحق والعمل بالحق، وهذا هو المقصد الثانى للسورة، ترده إلى شيء واحد هو الغرور بما لهم من أموال وأولاد، وسلطان وجاه، فقد كانوا يتصورن أن ايمانهم بصاحب الدعوة الجديدة زلزلة لما لهم من جاه وسلطان، وأنهم في غنى عن هذه الدعوة بما لهم من أموال وأولاد، ويطنون أن ذلك كان لهم عن استحقاق ذاتي، وأنه دائم لا يزول، ولا يؤثرفيه إيمان