/ صفحه 237/
فمن فتون حيلهم:
1ـ أنهم كانوا يعمدون إلى الحق الذي جاء به الأنبياء ونزلت به الكتب، فيخلطونه بالباطل الذي ألحقه به أحبارهم ورهبانهم عن طريق تأويلهم الفاسد لمتشابه الكتاب دون أن يردوه الى المحكم الذي يبين به الحق في أصول الدين، ثم يجعلونه دينا يجب اتباعه ويقولون هو من عند الله، وما هو من عند الله.
2ـ ومنها إذاعتهم أن إبراهيم كان على دينهم، ومحاولة صرف الناس عن محمد بذلك، وفى هذا تقول السورة: "يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوارة والانجيل إلا من بعده".
3ـ ومنها أن بعضهم كان يوحى إلى بعض أن يظهروا الإيمان بمحمد، وما أنزل عليه في وقت، ثم يطهروا العدل عنه والكفر به في وقت آخر، ليقول الناس إنه لو كان حقا ما رجع عنه هؤلاء بعد أن آمنوا به.
وفى ذلك كله تقول السورة: "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولوا الألباب".
وتقول: "يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون، وقالت طائفة من أهل الكتاب: آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون".
وبينما تفضح السورة هذا النوع من فنون حيلهم وكيدهم تتناول من جانب آخر شبهم التي يخلعون عليها لونا من التمويه.
4ـ فمن ذلك أنهم كانوا يقولون: لو كان هؤلاء على ملة إبراهيم والنبيين من بعده ـ كما يزعمون ـ لما احلوا ما كان محرما من حيوان أو طعام، ولا تجهوا في صلاتهم إلى قبلة الأنبياء جميعا وهى بيت المقدس، فترد عليهم السورة في هاتين الشبهتين بتكذيبهم في الأولى، وبيان صلة الكعبة بإبراهيم في اثانية، فتقول: