/ صفحه 235/
ما ليس له من ألوهية أو نبوة أوحلول، فذكرت أن عيسى لم يكن إلا من آل عمران الذين اصطفاهم الله بين من اصطفي، وأن ولادتة لم تكن إلا تنفيذاً لإرادة الله الذي يصور الناس في الأرحام كيف يشاء، والذي له سنن عرف منها ما عرف وجهل ما جهل، والذي إذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون، شأنه في خلق السموات والأرض عامة، وفى خلق آدم وفى خلق يحيى بن زكريا خاصة، "و هو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون"، "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون"، "فنادته الملائكة وهو قائم يصلى في المحراب أن الله يبشرك بيحى مصدقا بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين، قال رب أنى يكون لى غلام وقد بلغننى الكبر وامرأتى عاقر؟ قال كذلك الله يفعل ما يشاء".
هذا الذي ذكره الله في شأن خلق السموات والأرض، خلق آدم ويحي؛ هو عين ما ذكره في شأن خلق عيس: وجدت السموات والأرض إنشاء وإبداعا، ووجد آدم من غير أب وأم، ووجد يحى على كبر من أبيه، ويأس من أمه، وبشرت الملائكة زكريا بيحيى، وتعجب زكريا من هذه البشارة مع حاله، فرده الله إلى مشيئته "كذلك الله يفعل ما يشاء" وهكذا كان شأن عيسي: وجد من غير أب بمشيئة الله، وبشرت الملائكة به أمه بأمر الله، وعجبت مريم لهذه البشارة "قالت رب أنى يكون لى ولدولم يمسسنى بشر" فردها الله إلى مشيئته "قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون".
ثم تعرض السورة بعد هذا إلى أن الخوارق التي ظهرت على يد عيسى لم تكن إلا من سنة الله في تأييد رسله بالمعجزات الدالة على أنهم عباد علمهم الله الكتاب والحكمة، وأن الله أرسله إلى بنى إسرائيل بآيات من ربه "أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبري، الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله وانبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين، ومصدقا لما بين يدى من التوراة والأحل لكم بعض