/ صفحه 234/
الناس إليه "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لى من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون". "و إذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال: أأقررتم وأخذ تم على ذلكم إصري؟ قالوا أقررنا، قال: فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين".
وهذا هو العهد الذي حفظه عيسى (عليه السلام) وتوفى عليه وسيجيب به ربه يوم القيامة "و إذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس أتخذونى وأمى إلهين من دون الله؟ قال سبحانك مايكون لى أن أقول ماليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسى ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب.
ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كلى شيء شهيد، إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم".
نعود إلى السورة فنجدها تبرز مع هذا في وضوح وحدة الدين عند الله وعلى لسان رسله جميعاً "نزل عليك الكتاب بالحق…" "قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون".
وتقرر أن هذا هو الدين عند الله. وأن من يبتغى غيره ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
ثم بعد أن تركز السورة هذا الشأن الخطير على شهادة الله بما أودع كونه من آيات وعبر، وشهاده الملائكة، وشهادة أولى العلم؛ تتجه إلى الذين غلبت عليهم شقوتهم فحاربوا الله في دينه وأعرضوا عن رسله وأخذوا يناوئون الحق على وضوح؛ فتذكر كثيراً من أساليب إضلالهم، وألوان شبههم التي كانوا يعززون بها مراكزهم، ويحاولون بها فتنة المؤمنين عن دينهم حسداً وبغياً، لا طلباً للحق ولا التماساً للهدي، وقد خصت السورة جماعة المسرفين في شأن عيس الزاعمين له