/ صفحه 200/
الخاطئة، التي لا تتفق وكرامة الإنسان، ومصححة لبعضها الأخر؛ وهى بعد أمر جديد لم تعرفه الإنسانية من قبل، ولم يكن متوقعا " والبشرية غارقة في محيط من الظلم والجهل والفاسد " أن تستجيب الإنسانية كلها لداعى كرامتها، لدوافع عدة يعرفها العالمون بتاريخ الدعوة الإسلامية "و ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" اتجه القرآن إلى تأكيد هذه الأخوة الإنسانية العامة ومقتضياتها في محيط المؤمنين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وتقويتها بعقد أخوة دينية خاصة بين هؤلاء المؤمنين، ليكون ذلك نموذجا تتبعه الإنسانية العاقلة إذا أرادت لنفسها الخير والكرامة " إنما المؤمنون إخوة" وهكذا أضيفت قوة الأخوة في الإيمان بالدين الجديد إلى قوة الأإخوة الإنسانية، وتدعمت بذلك الروابط بين المسلمين، فهم إخوة في الإنسانية، إخوه في الإسلام، وهم متساوون لأنهم عبيدإله واحد، وأبناء أب واحد، وأتباع دين واحد، ورسول واحد، وكتاب واحد،و تكاليفهم واحدة، لا فرق بينهم ولا فضل إلا بما شرع الله من مقياس، وإلا لتقاضلوا في التكاليف، ولكنهم فيها سواء؛ رسولهم الكريم وكبيرهم وصغيرهم، كلهم عبيد لله وتكاليفهم واحدة؛ وهم أحرار لاسيادة عليهم لأحد غير الله! أليس يقول الله لرسوله: "لست عليهم بمصيطر". وما أنت عليهم بجبار"؟ أو ليس يقول الرسول نفسه: (لست ملكا ولا جبارا، وإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة)؟
وأذن فالمسلمون سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى، أبيضهم وأسودهم وأحمرهم وأصفرهم سواء، تتكافؤ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم!
ولقد كان تطبيق هذه المباديء عمليا في المحيط الاسلامى في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والراشيدين من خلفائه، تجربة ناجحة إلى أبعد حدود النجاح، ولو شاءت الإنسانية إعادة هذه التجربة على نفس المنهج المحمدى التحقق لها كل ما ترجوه من رخاء وأمن وسلام!
والناظر في أول معاهدة عقدها الرسول (صلى الله عليه وسلم) بين المسلمين ومن حولهم في يثرب ( المدينة) من يهود ونصارى ومشركين ـ وهى أساس جميع