/ صفحه 190/
ولو لاه لكانوا من الضالين؟ وإلى أى جديد يدعون؟ إلى جديد قوامه ما عند اسلف من علم ورأي، أم إلى جديد قوامه الزيغ والإلحاد والخروج على الدين والتنكر للنصوص والأصول؟ فاذا قال قائل: أن للجديد ميادين لم يُجل فيها القدماء ولم تخطر لهم على بال، وقد عرفها العلم الحديث والفن الحديث، وظهر من آثارها ما نعمنا به ونعم به العالم من مخترعات وعجائب، قلنا ذلك حق ما فيه ريب، ولكن ذلك نقل الكلام إلى موضوع آخر، فانما نريد الموازنة بين القديم والجديد فيما اشترك فيه القديم والجديد لا فيما انفرد فيه أحد هما.
إن هؤلاء القدامى قد فعلوا الأعاجيب، وإن حياتهم العلمية ومثابرتهم وطول صبرهم وأناتهم لجديرة بكل ثناء وتمجيد وإكبار.
إننالو نظرنا إلى محصول على لأحد العلماء القدامى مثل الرازى أو البخارى أو ابن كثير أو ابن منظور المصرى أو النووى أو ابن تيمية أو ابن القيم أوالمرتضى أو الطوسى أو نصير الدين أو أمثالهم من الذين تزخر المكتبة الإسلامية بآثارهم، لعلمنا بصورة واضحة نسبتنا اليهم، ولمسنا مقدار فضل الله عليهم في ربطه على قلوبهم وتوفيقه إياهم إلى ما قاموا به من عمل باهر، وما تركوا من أثر خالد.
أن تفسير القرآن الكريم المسمى: "مفاتيح الغيب" وهو أحد الآثار العلمية القيمة الخالذة للامام الرازى يقع في ثمانية أجزاء، يحتوى كل جزء منها على نحو ثمانمائة صفحة، وليست الصفحة في هذا الكتاب كصفحة صغيرة من الكتب اللطيفة التي تنشر اليوم، وإنما هى صفحة لو وزعت على أمثال هذه الكتب لملأت عدة صفحات، ففيها أكثر من ثلاثين سطرا في كل سطر أكتر من خمس عشرة كلمة، فهو أذن محصول ضخم في مادته وقيمته، وهو على ذلك أحد الآثار ـ كما قلنا ـ لرجل واحد ربط الله على قلبه، فحبب إليه العلم والبحث والكتابة والتأليف، على الفقر والتقشف ومجافاة مطالب الحياة، ويرى القاريء في هذا التفسير في آخر تفسير سورة يوسف ( ص 258 من الجزء الخامس) مانصه: "قال