/ صفحه 187/
أفئدة من الشباب الذين أخذوا بالحديث اغترارا به أو التماسا لمظهر التجديد والتقدم، وكرهوا اقديم جهلا به، أو ضعفا عنه، أو فرارا من تهمة الرجعية والتأخر.
وقد أدت هذه الصيحات إلى ضرر عظيم أصاب شباب الأمة الإسلامية، وأضعف محصولهم العلمي، وحدّ من نشاطهم الفكري، وزين لهم التنكر لسلفهم، وإطلاق الألسنة بالقول فيهم، واستقبال آرائهم وذكراهم بنوع من الاستخاف والتهاون، ترى ذلك فيهم على تفاوت، فمنهم المسرف فيه، ومنهم المقتصد، تبعاً لأحوالهم المتفاوتة، وحظوظهم المختلفة من التأثر بأسباب ذلك وعوامله.
ولقد عصفت هذه العاصفة الهوجاء بلك طائفة من طوائف الأمة لاسلامية ودخلت فتنتها على جميع ذقطارها، وشملت أصناف المتعلمين فيها، حتى رأينا بأخرةٍ آثارها في الأزهر، وهو أكبر جامعة في العالم تعنى بالقديم، وتعيش به وعليه، فقد اعتق كثير من طلابه، وقليل من علمائه هذه المبدأ، وتأثروا بهذه الدعوة إلى حدما، وبدت آثار هذا التأثر في دراستهم وكتبهم ومقالاتهم وبحوثهم، بل بدت في المناهج الرسمية التي أخذ الأزهر بها في قانونه الحديث الصادر في سنة 1936م.
كما أدت هذه الصيحات المتتابعة إلى خطر على الروح الاسلامى في الأمة، فإن إنصراف كثير من الشباب وأهل العلم عن كتب الأقدمين، فتح أمامهم مجال الاقبال على الثقاقات الأجنبية،و التزود منها بزاد جميل الظاهر، خبيث الباطن مثله كمثل العسل المسموم، حلو مذاقه، الموت كا من فيه، ذلك أن هذه الثقافات مبنية في الغالب على ما ينافى الدين والقومية الإسلامية، والأخلاق الموروثة التي يعتزبها أهل القرآن، وهى مبنية أيضاً على الحتقار الشرق والمسلمين عامة، وتصوير هم في صورة البدائيين في أفكار هم وعقولهم، المتقلبين مع السياسات في كل زمن من الأزامان، الواضعين ـ تبعا لا هوائهم ـ أساطير التاريخ، وافانين الرواية، المطوعين لفقههم وأحكام شريعتهم على منازع المالكين من الخلفاء والقادة وأصحاب السلطان،