/ صفحه 171/
إلى خطبة الوداع ليراجع ما فيها من المبادئ التي تتصل بهذا الموضوع، فإنها ـ كما قلنا سابقاً ـ خطبة جديرة بالدرس، لأنها وثيقة رسمية نهائية ـ كما يحلو التعبير للدارسين الحديثين ـ وإن كان كل ما صح لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وثائق رسمية، ولكن نختار تلك الوثيقة لما ارتبط بها من ظرف الزمان وظرف المكان ومن شهدها من جمهرة المسلمين ممن قرع سمعهم لأول مرة كلمة الرسول (فاني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا) فكان لذلك أثره المادي وأثره السيكولوجي في نفوس السامعين، وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يكاد يختم كل فقرة من فقرات تلك الوثيقة العظمى : "ألا هل بلغت؟ اللهم أشهد".
هذه خطبة الوداع الكريمة علينا، والأثيرة عند من يعرف الحق والانصاف، والكفلة أن تهدي ضالاً وترشد غاوياً لو أراد الضال والغاوي مخلصا أن يهتدي، لم تكن نتيجة بحث مؤتمر، ولا تقرير لجنة، ولم يطبل لها طبل ولم يزمر بها زامر، ولكنها كانت وحياً من الله العالم بمصالح العباد، والخبير بما ينفعهم، لأميّ ما كان يدري من قبل ما جاء به ما الكتاب ولا الإيمان، جعله الله نوراً يهدي به من يشاء من عباده.
نكتفي بها اليوم وعسانا أن نعرج مرة أخرى بذلك الحي.
لعل إلمامة بالجزع ثانية *** يدب منه نسيم البر في عللى
وقد عرضنا في الماضي للنصوص التي أذاعتها هيئة الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان حديثاً، ونقلنا ما تمدحت به تلك الرسائل، وما قاله عنها أصحابها، فكيف حاولت تلك البلاد العريقة في المدنية كما يقولون أن تصل إلى حقوق الإنسان؟
عرف التاريخ وثيقتين أو تصريحين في هذه الناحية :
أحداهما ما عرفه الانكليز باسم MAGNA GHARTA
والثانية ما عرفته فرنسا والعالم باسم :
LA DECLARTION DES DROITS DE L'HOMME