/ صفحه 169/
ـ بصورة إجمالية نرجو أن تكون فيما بعد تفصيلية ـ دون تمييز بينها، ولا اقتصار على بعضها، ونرى كبار شيوخه يشتركون في لجان القوانين ويفتشون عن أقوال الأئمة الموافقة لمصلحة الأمة، فيعدلون أحياناً عن مذهب أبي حنيفة إلى مذهب غيره، بل يعدلون عن الراجح في مذهب الحنفية إلى المرجوح، وقد يخرجون عن دائرة مذاهب السنة الأربعة إلى مذهب آخر، كما فعلوا في قانون الطلاق والوصية وغيرهما، إذ أخذوا برأي ابن تيمية وابن القيم والشيعة الإمامية، وكل ذلك قد تم بهدوء ورضى وإقبال دون تحرج ولا تذمر، وأدرك الناس ما فيه من مصلحة ورحمة وتيسير، فماذا عليهم لو استقبلوا ما وراء الفقه كما استقبلوا الفقه، وما الفرق بين الفروع العلمية والفروع العلمية، وكلها ليست خلافات جوهرية تنهض سبباً للقطيعة والخصومة.
هنا نقف قليلاً لنقول : إن هذه المشكلة الأخيرة، قد وجد اليوم ـ ولله الحمد ـ من يعالجها، فها هي ذي جماعة التقريب تسير فيها باتزان وتعقل وحزم، وقد تمكنت في مدة وجيزة من أن تلفت العالم الإسلامي إلى دعوتها، وإنا لنرجو الله أن يوفقها في إنجاز مهمتها.
إنه لجدير بالمسلمين أن يدركوا أنهم بتخلصهم من هاتين المشكلتين، يمكن أن يفيدوا من هذه الفرصة السانحة، وينهضوا بأمتهم نهضة مباركة، ويصدوا عن بلادهم كل عدوان.
إن المسلم إذا احتفظ بتعاليمه كان أمة، وإن المسلم إذا صح إسلامه كان حصنا.
وإن الأمة السلامية إذا حكمت بكتابها، برزت قوة الإسلام الكامنة فيها، ويومئذ تكون أمة موجهة تحفظ التوازن في العالم، وتتحكم في الكتلتين المتناحرتين، وتوقف كلاً منهما عند حده، يساعدها في ذلك ثراؤها العريض، وموقعها الجغرافي الممتاز، وكثرة أبنائها، وعميق الإخلاص الذي يغرسه في قلوب أبنائها دينهم الإسلامي الحنيف.